المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

350

الأوّل: أنّ نشوء النهي من المفسدة إنّما هو على مذهب العدليّة من تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد، أمّا على مسلك الأشاعرة فما معنى غلبة نشوء النهي من المفسدة؟!

الثاني: أنّنا لا نستطيع أن نعرف أنّ الملاك انحلاليّ إلاّ إذا كان الحكم انحلاليّاً، وحينئذ كيف يمكن أن نثبت انحلاليّة الحكم بانحلاليّة الملاك؟(1).

وكلا الإيرادين لا يمكن المساعدة عليهما؛ لأنّ الكلام إنّما هو في الظهور العرفيّ اللغويّ للكلمة، والنزاع بين الأشاعرة والعدليّة إنّما هو في الأحكام الشرعيّة بلحاظ ملاكاتها، أمّا تبعيّة نواهي الناس وأوامرهم للمصالح والمفاسد فهي واضحة حتّى عند الأشاعرة، والظهور العرفيّ ينشأ من غلبة كون النهي ناشئاً من المفسدة ولو عند العرف. هذا هو الجواب عن الإيراد الأوّل.

وبه يندفع الإيراد الثاني أيضاً؛ فإنّنا لا نريد أن ندّعي ـ بغضّ النظر عن انحلال النهي ـ انحلال ملاكات الشارع، بل ندّعي أنّ ملاكاتنا نحن الناس تكون انحلاليّة غالباً، وهذه الغلبة بنفسها تكون قرينة عرفيّة لظهور الكلام في الانحلاليّة والشموليّة، وكلّ ظهور في كلام الإنسان العرفيّ يثبت في كلام الشارع أيضاً(2).

وبما ذكرنا ظهر السرّ في بقاء النهي بعد صدور العصيان والامتثال وسقوط


(1) راجع المحاضرات للفيّاض، ج 4، ص 95 ـ 97.

(2) غفل السيّد الخوئيّ(رحمه الله) عن أنّ منشأ الظهور في المقام كون المفسدة في نواهي الناس في كلّ فرد فرد من أفراد المتعلّق، وفرض في أصل تقريب الفرق بين الأمر والنهي مجرّد أنّ الأمر دلّ على أنّ المصلحة قائمة بصرف وجود الطبيعة وفي النهي بمطلق وجودها؛ لعدم قرينة على اختصاص المبغوضيّة بالوجود الأوّل، ولذا أورد على ذلك بالإشكالين.