المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

36

وبكلمة اُخرى: ليس المحال فقط فعليّة الدور حتّى يقال: إنّ الدور ليس فعليّاً؛ لعدم فعليّة المنع، بل إمكان الدور أيضاً محال، فالمانعيّة الشأنيّة أيضاً غير معقولة، فإنّه حتّى لو كان مقتضي الضدّ ـ على فرض المحال ـ موجوداً، لكانت هذه المانعيّة مستحيلة؛ للزوم الدور، فبذلك تنهار المقدّميّة التي فرضت على أساس المانعيّة.

الإيراد الثاني: ما ذكره المحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله): من أنّ عدم أحد الضدّين إذا كان علّة للضدّ الآخر، لم يلزم من ذلك كون أحد الضدّين علّة لعدم الضدّ الآخر حتّى يلزم الدور، فإنّه وإن صحّ القول بأنّ نقيض العلّة علّة للنقيض، لكن نقيض عدم الضدّ هو عدم عدم الضدّ، لا الضدّ، إذن فأحد الضدّين يتوقّف على عدم الضدّ الآخر، ولكن عدم أحد الضدّين لا يتوقّف على ضدّه، وإنّما يتوقّف على ما يلازم ضدّه، وهو عدم عدم الضدّ، فلا دور، وعدم عدم الضدّ ليس هو عين وجود الضدّ، بداهة استحالة عينيّة الأمر العدميّ للأمر الوجوديّ(1).

ويرد على ذلك:

أوّلا: أنّ ما هو الثابت من أنّ نقيض العلّة علّة النقيض لا يراد بالنقيض فيه مجرّد الرفع، بل يراد به أحد الطرفين: من العدم والوجود، أعني: أنّ نقيض الرفع هو المرفوع، لا رفع الرفع كما مضى فيما سبق.

وثانياً: أنّ هذا الإيراد لا يتمّ بناءً على افتراض كون مقدّميّة ترك أحد الضدّين للضدّ الآخر على أساس مانعيّة الضدّ للضدّ؛ فإنّه بناء على هذا نقول: إنّ محطّ المانعيّة ومحطّ العلّيّة للعدم شيء واحد، ومن الواضح: أنّ نفس وجود الضدّ يفرض مانعاً عن ضدّه، ولا يحوّل محطّ المانعيّة من وجود الضدّ إلى عدم عدمه؛ لأنّ ملاك


(1) نهاية الدراية، ج 2 ص 184 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت.