المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

37

المانعيّة هو التضادّ، وتضادّ وجود السواد مع البياض بديهيّ، إذن فيكون محطّ العليّة للعدم أيضاً هو نفس وجود الضدّ، فيلزم الدور. نعم، هذا يرجع إلى التقريب الأوّل من تقريبات الدور، ولكن مع ذلك يصحّ تسجيله إشكالا على المحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله)؛ لأنّه لم يكن قد قسّم تقريب الدور إلى تقريبات حتّى يقال: إنّه يفرض غضّ النظر عن التقريب الأوّل، ويريد إبطال التقريب الثالث بعد التنازل عن محذوريّة التقريب الأوّل(1).

وثالثاً: أنّ عدم عدم الوجود معلول للوجود على حدّ معلوليّة العنوان الانتزاعيّ لمنشأ انتزاعه، فيعود الدور؛ إذ بالتالي يتوقّف عدم الضدّ على وجود ضدّه ولو بتوسّط توقّفه على عدم عدم ضدّه.

لا يقال: إنّ عدم عدم الشيء علّته هي عدم عدم علّة الشيء، وعدم عدم علّة الشيء علّته هي عدم عدم علّة تلك العلّة، وهكذا، وليس عدم عدم الشيء منتزعاً من وجود الشيء.

فإنّه يقال ـ بغضّ النظر عن شهادة الوجدان بكون عدم عدم الشيء منتزعاً عن وجوده ـ: إنّه ماذا تقول حينما نصل إلى واجب الوجود، فما هي علّة عدم عدمه؟!

فإن قلت: إنّ علّة عدم عدمه هي نفس وجود الواجب، فلنقل بذلك في سائر المراتب أيضاً، فعدم عدم الشيء دائماً معلول لنفس وجود ذلك الشيء على حدّ معلوليّة العنوان الانتزاعيّ لمنشأ انتزاعه، كما قلنا.


(1) لا يخفى: أنّ الشيخ الإصفهانيّ(رحمه الله) فرّق ـ في تعليقته على نهاية الدراية ـ بين تقريب الدور بنكتة كون نقيض العلّة علّة النقيض، وتقريبه بنكتة كون الضدّ على تقدير التمانع سبباً لانتفاء الضدّ. راجع نهاية الدراية، ج 1، ص 184، تحت الخطّ، بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت.