المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

47

 

اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه العامّ

البحث الثاني: في اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه العامّ وعدمه.

والكلام تارة: يقع بلحاظ عالم الجعل والحكم، واُخرى: بلحاظ عالم مبادئ الحكم من الحبّ والبغض. وعلى أيّ حال فهذا الاقتضاء قد يفرض بنحو العينيّة، واُخرى بنحو الجزئيّة، وثالثة بنحو الالتزام.

أمّا بلحاظ عالم الجعل والحكم، فالصحيح أنّه لا يوجد اقتضاءٌ بنحو العينيّة.

وطبعاً ليس البحث عن العينيّة وعدمها بحثاً لغويّاً عن أنّ (صلّ) و(لا تترك الصلاة) مثلا هل يعطيان لغةً معنىً واحداً أو لا؛ فإنّنا لسنا نتكلّم عن مرحلة الإبراز اللغويّ، وأنّ الأمر بالصلاة مثلا هل يمكن إبرازه من الناحية اللغويّة بلسان (لا تترك الصلاة) أو لا، وإنّما نتكلّم بحسب مرحلة الجعل ومرحلة المبادئ كما قلنا.

والآن كلامنا في مرحلة الجعل، والعينيّة في هذه المرحلة إنّما تتمّ لو قلنا: إنّ النهي عن شيء معناه طلب نقيضه، وإنّ الوجود نقيض للعدم، إذن فالأمر بالصلاة هو عين النهي عن عدم الصلاة؛ لأنّ الأمر بالصلاة طلب لنقيض ترك الصلاة، ولكنّ الصحيح ـ كما سوف يأتي إن شاء الله في بحث النواهي ـ أنّ النهي هو إنشاء نسبة زجريّة بين الفعل والفاعل، كما أنّ الأمر إنشاء نسبة إرساليّة بين الفعل والفاعل، فطرف النسبة في كليهما هو نفس الفعل، وإنّما الفرق بين نفس النسبتين، حيث إنّ إحداهما إرساليّة، والاُخرى زجريّة، فليس الأمر بالشيء عين النهي عن ضدّه.

وأمّا دعوى الجزئيّة والتضمّن فالذي ينبغي أن يقال في تقريبها هو: أنّ جعل الوجوب ليس عبارة عن مجرّد اعتبار طلب الفعل، وإلاّ فالاستحباب أيضاً فيه طلب للفعل، وإنّما هو عبارة عن اعتبار طلب الفعل مع اعتبار المنع من الترك، وبه