المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

476

مستحيل، أمّا الآن فنقول: إنّ هذا الفرض ليس بمحال؛ لأنّ استحالته مبنيّة على ما تراه الفلاسفة من أنّ الفعل الاختياريّ علّته الوحيدة هي الإرادة، فالمحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله) فرض أنّ هذا الإنسان إمّا يريد الكون في الداخل، أو يريد الكون في الخارج، ولا ثالث لهما، فإنّ الفعل الاختياريّ يكون مقتضيه هو الإرادة، فحيث لا إرادة فلا فعل اختياريّ، وحيث إنّ الكون في الدار والكون في خارج الدار فعلان اختياريّان، وهما ضدّان لا ثالث لهما، فلابدّ من إحدى الإرادتين بدون الاُخرى. وهذا يعني أنّ عدم إرادة الكون في الداخل مع إرادة الكون في الخارج متلازمان، وحيث إنّ إرادة الكون في الخارج ملازم للخروج فثبت التلازم غير المباشر بين عدم إرادة الكون في الداخل وبين الخروج.

لكنّنا بحسب مبنانا الذي بيّنّاه في بحث الطلب والإرادة نقول: إنّ الفعل قد يقع بسلطنة المكلّف واختياره من دون إرادة، كما إذا فُرض أنّ الكون في الدار كان مساوياً عنده مع الكون في خارج الدار، فليس له شوق مؤكّد تجاه أيّ واحد منهما في قبال الآخر، وحينئذ سوف يفعل أحدهما حتماً بسلطنته واختياره، فهنا لا إرادة الكون في الداخل تثبت ولا إرادة الكون في الخارج. فعندئذ نقول: إنّه في مثل هذه الحالة هل هناك ارتباط بين عدم الكون في الدار وبين الخروج أو لا؟ من الواضح أنّ الارتباط موجود، وهذا الارتباط ليس على أساس التلازم غير المباشر؛ إذ ليس هناك شيء اسمه إرادة الكون في خارج المكان تكون من ناحية ملازمة لعدم إرادة الكون في الداخل، ومن ناحية اُخرى علّة للخروج، كي تثبت بذلك الملازمة غير المباشرة بين عدم الكون في الداخل والخروج، فهذا الارتباط لابدّ وأن يكون ارتباطاً مباشراً، وبهذا ثبت المطلوب.

الكلمة الثالثة: هي أنّه في المقام اُغفل المقتضي الطبيعيّ للكون في داخل المكان، فحتّى لو فُرض أنّ هذا الإنسان كان حجراً كان هناك مقتض لبقائه في هذا