المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

478

2 ـ أن تنحصر المقدّمة في الحرام لا بسوء الاختيار، فهنا يقع التزاحم بين حرمة المقدّمة ووجوب ذيها سواءً آمنّا بوجوب مقدّمة الواجب أو لا، وعندئذ فإن اقتضت قواعد التزاحم تقديم جانب ذي المقدّمة سقطت حرمة المقدّمة لا محالة، ويسري إليها الوجوب بناءً على وجوب مقدّمة الواجب. أمّا لو كانت حرمة المقدّمة أهمّ فلا يثبت الوجوب لذي المقدّمة فضلا عن المقدّمة.

3 ـ أن تنحصر المقدّمة في الحرام بسوء الاختيار، فإذا كان ذو المقدّمة أهمّ فهل تجب المقدّمة هنا إلحاقاً لها بالقسم الثاني، أو تلحق بالقسم الأوّل؟ الصحيح أنّها تلحق بالقسم الأوّل، فإنّنا وإن قلنا: إنّ المقدّمة تتّصف بالوجوب الغيريّ إذا كان ذو المقدّمة أهمّ إلاّ أنّه إنّما قلنا بذلك باعتبار سقوط حرمة المقدّمة بالتزاحم وخروجها عن كونها معصية، وهنا المقدّمة معصية؛ لأنّ النهي عنها وإن سقط لكنّه إنّما سقط بالمعصية. فقبل سوء الاختيار لا تزاحم بين حرمة المقدّمة ووجوب ذيها؛ لأنّها ليست مقدّمة منحصرة فلا ينسحب الوجوب على الحصّة المحرّمة، وبعد سوء الاختيار سقطت الحرمة ولكن بالعصيان، فالمقدّمة تكون معصية ولا تجب.

وكأنّ روح كلامه(رحمه الله) ـ وإن لم يف تعبيره بذلك ـ هو: أنّ العقل إنّما يدرك الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدّمته بالوجدان، والوجدان إنّما يدرك ذلك فيما إذا كان المحلّ قابلا لانسحاب الوجوب عليه، أمّا إذا كانت المقدّمة حراماً ولم تسقط الحرمة ـ لعدم الانحصار ـ فالمحلّ غير قابل لتقبّل الوجوب. والوجدان من أوّل الأمر قاصر عن إثبات الوجوب لهذه المقدّمة، فليس هذا تخصيصاً في الحكم العقليّ، فإنّ وجوب المقدّمة لم يكن لثبوت برهان وقياس منطقيّ عليه، بل كان بالوجدان والتجربة النفسيّة الخاصّة بغير هذا القسم، وحينئذ يقول صاحب الكفاية: إنّ حرمة المقدّمة لو سقطت بالعصيان وبسوء الاختيار فلا