المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

479

زال المحلّ غير قابل لتقبّل الوجوب، والتجربة النفسيّة لا تقتضي انسحاب الحبّ عليها(1).

وأمّا الجهة الثالثة: ففي أنّه بعد فرض تماميّة المقتضي لكلّ من الحرمة والوجوب كيف الجمع في التأثير؟

وهنا تارة يتكلّم في الجمع بين مقتضي حرمة المقدّمة ومقتضي وجوبها في التأثير. واُخرى يتكلّم في التوفيق بين حرمة المقدّمة ووجوب ذيها:

أمّا الجمع بين مقتضيي حرمة المقدّمة ووجوبها: فيخطر بالبال أنّ مقتضي الحرمة إنّما اقتضى حرمة الخروج حرمة ثابتة قبل الدخول، وأمّا بعد الدخول فقد سقطت الحرمة وثبت الوجوب، فالمقتضيان مختلفان في زمان التأثير.

وقد يقال في قبال ذلك: إنّ الخطاب والنهي وإن كان قد سقط بالدخول لكن روح الحرمة ـ وهي المبغوضيّة ـ لم تسقط؛ لأنّ الخطاب لم يسقط لأجل النسخ وعدول المولى عن رأيه وإنّما سقط بالاضطرار، فالتنافي باق على حاله.

وهذا المقدار من البيان يمكن الإجابة عليه بأنّه قبل الدخول لم يكن الخروج مقدّمة منحصرة للتجنّب عن الغصب، فلم يكن التجنّب عن الغصب الزائد متوقّفاً عليه، ولذا لم يكن مشتملا على المصلحة، فكان مبغوضاً. وأمّا بعد الدخول فقد أصبح الخروج ـ ولو بسوء الاختيار ـ مقدّمة منحصرة، فأصبح ذا مصلحة غالبة،


(1) بل التجربة النفسيّة تقتضي انسحاب الحبّ على اختيار أقلّ المحذورين لأجل التخلّص من المحذور الأشدّ حينما يدور الأمر بينهما وإن كان العبد مستحقّاً للعقاب إن كان هو قد سبّب بسوء الاختيار دوران الأمر بينهما، فهو مستحقّ للعقاب بما حصلت له من المعصية بمجرّد تسبّبه لذلك، وإن كان النهي فعلا ساقطاً والمتعلّق محبوباً من باب كونه موجباً للتخلّص من المحذور الأشدّ.