المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

48

يختلف عن الاستحباب؛ إذ لا يوجد فيه منع من الترك، إذن فالمنع من الترك جزءٌ من جعل الوجوب.

ولا يرد على هذا التقريب إشكال السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ(1) بأنّ الوجوب أمر اعتباريّ، والاعتبار أمر بسيط، فلا يمكن فرض تركيبه.

فإنّ هذا الكلام ـ كما ترى ـ أجنبيّ عن ذاك التقريب؛ فإنّ كون الاعتبار أمراً بسيطاً هو كلام للحكماء يراد به البساطة بمعنى عدم تركّب كلّ فرد من أفراد الاعتبار من الجنس والفصل أو المادّة والصورة. والتركّب المدّعى للوجوب ـ في التقريب الذي ذكرناه ـ عبارة عن كون الوجوب مركّباً من اعتبارين، وهذا لا ينافي أن يكون كلّ فرد منهما بسيطاً غير مركّب من جنس وفصل أو مادّة وصورة.

والذي ينبغي أن يقال ـ في إبطال هذا التقريب ـ هو: أنّه إذا كان طلب الفعل منقسماً إلى قسمين: طلب إلزاميّ، وطلب غير إلزاميّ، فالمنع من الترك أيضاً منقسم إلى قسمين: منع إلزاميّ ومنع غير إلزاميّ، فما هو المنع الذي فرض جزءاً من الوجوب؟! إن كان ذاك عبارة عن مطلق المنع الشامل للمنع غير الإلزاميّ، لم يتكوّن الوجوب من ذلك، فإنّ طلب الفعل مع المنع غير الإلزاميّ عن الترك ليس وجوباً، بل هو استحباب. وإن كان ذاك عبارة عن المنع الإلزاميّ قلنا: كيف صار هذا المنع إلزاميّاً؟! فلئن كان إلزاميّاً بنفسه من دون تركيب، فليكن طلب الفعل في الوجوب إلزاميّاً بنفسه من دون تركيب. ولو كان لابدّ من القول بالتركيب فالأولى أن يقال: إنّ الوجوب مركّب من طلب الفعل مع عدم الترخيص في الترك، لا طلب الفعل مع المنع من الترك.


(1) راجع المحاضرات للفيّاض، ج 3، ص 48 بحسب طبعة مطبعة النجف.