المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

480

ومع غلبة المصلحة تندكّ المفسدة وبالتالي ترتفع المبغوضيّة.

إلاّ أنّه مع هذا قد يبيَّن الإشكال بصياغة اُخرى، وهي: أنّ الحرمة والوجوب حتّى إذا افترضا في زمانين يستحيل اجتماعهما على فعل واحد؛ فإنّ هذا وإن لم يكن من باب اجتماع الضدّين ـ لأنّنا افترضنا زوال الحرمة حتّى بروحها في زمان الوجوب ـ إلاّ أنّه يلزم من ذلك جهل المولى، فإنّ المولى من أوّل الأمر يلحظ الفعل حين صدوره، والفعل الواحد حين صدوره إمّا أنّه مشتمل على المفسدة الغالبة، أو مشتمل على المصلحة الغالبة، فعلى الأوّل لا يكون إلاّ الحرمة، وعلى الثاني لا يكون إلاّ الوجوب.

والجواب: أنّ المصلحة والمفسدة المتزاحمتين في المقام غير متطابقتين في المركز، فهناك بابان لعدم الخروج: أحدهما عدم الخروج بعدم الدخول، والآخر العدم الذي يكون بعد الدخول، والتزاحم يكون بلحاظ الباب الثاني بعد أن سدّ الباب الأوّل، والمصلحة حينئذ تكون أقوى. فالمولى يحتاج إلى حكمين: أحدهما يضمن فتح الجامع بين البابين، والآخر يضمن سدّ الباب الثاني من العدم، ولا استحالة في اجتماعهما فيحرّم الخروج قبل أن يدخل، وهذا يضمن فتح الجامع بين البابين ويوجبه بعد أن يدخل، وهذا يضمن سدّ الباب الثاني(1).

 


(1) هذا البيان واضح الصحّة بناءً على أنّ النهي طلب لعدم المنهيّ عنه، وقد يتخيّل عدم صحّته بناءً على كونه زجراً عن الفعل.

ولكنّ التحقيق: أنّه يتمّ حتّى على مبنى كونه زجراً عن الفعل؛ وذلك لإمكان افتراض أنّ الهدف من الزجر عن الفعل ـ وهو الخروج ـ كان بهدف فتح باب العدم عليه بعدم الدخول، فيسقط النهي بالدخول من باب أنّ النهي استوفى غرضه ولم يبق ملاك لبقائه وكأنّه تمّت معصيته.