المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

490

الأوّل ووجوبه بالأمر المقدّميّ، فالحرمة تسقط لا محالة؛ لأقوائيّة الوجوب منها، ومع سقوطها لا يبقى مناف لوجوب ذي المقدّمة(1).

النحو الثاني: أن يقال بأنّ وجوب ذي المقدّمة غير معقول؛ إذ يشترط في الوجوب أن يكون متعلّقه مقدوراً عقلا وشرعاً، والمقصود من المقدور شرعاً هو: أن لا يكون ممنوعاً عنه ولا عن مقدّمته المنحصرة، فإذا فُرض في المقام أنّ الخروج يقع معصية للنهي الثابت ولو قبل الدخول ـ وهي مقدّمة منحصرة ـ فالقدرة الشرعيّة على ذي المقدّمة مفقودة. وهذا النحو من البيان إن تمّ يتمّ حتّى على تقدير إنكار مقدّميّة الخروج؛ فإنّ الخروج على أيّ حال ملازم لذي المقدّمة، ولا يعقل الأمر بشيء مع تحريم ما يلازمه.

والجواب: أنّ اشتراط القدرة الشرعيّة بمعنى عدم كون الفعل معصية وعدم توقّفه على المعصية لم يرد عليه دليل لفظيّ بعنوانه، وإنّما هو بحكم العقل بقبح إلجاء المولى عبده على ما لا يقدر عليه مع فرض حالة الانقياد، إذن فالشرط هو القدرة تكويناً على تقدير الانقياد. وفي المقام لو كانت المقدّمة قد انحصرت بسوء الاختيار في الحرام تكون القدرة على تقدير الانقياد على ذي المقدّمة منتفية


(1) والكلام الكلّيّ في المقام هو: أنّ المشكلة الثانية وهي التنافي بين حرمة الخروج ووجوب ذي المقدّمة نتجت في هذا النحو من البيان من المشكلة الاُولى، وهي التنافي بين حرمة الخروج ووجوبه، فلا نحتاج إلى بحث جديد غير ما بحثناه في حلّ المشكلة الاُولى، فإن حلّت المشكلة الاُولى ـ بإنكار وجوب المقدّمة في المقام أو إنكار المقدّميّة أو إثبات إمكان الجمع بين حرمة الخروج ووجوبه؛ لأنّهما في زمانين أو أيّ شكل آخر ـ لم تصل النوبة إلى هذا النحو من البيان للمشكلة الثانية. وإن لم تحلّ المشكلة الاُولى بعد فرض وجود مقتضيي حرمة الخروج ووجوبه معاً فلا محالة قد انتهينا إلى سقوط الحرمة، فأيضاً لا تصل النوبة إلى المشكلة الثانية.