المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

491

تكويناً، أمّا في المقام فلا يكون خروجه مخالفاً للانقياد، بل الخروج بعد الدخول يكون من لوازم الانقياد باختيار ما هو أقلّ محذوراً.

وهذا الجواب الذي ذكرناه مطابق لروح الجواب الأوّل الذي ذكره صاحب الكفاية في المقام(1). وله جواب ثان وحاصله: أنّه لو سُلّم أنّ ذا المقدّمة أصبح غير مقدور فغايته أن نلتزم بسقوط خطابه، لكن حيث إنّ عدم القدرة طرأ بسوء الاختيار فالعقاب على ترك ذي المقدّمة غير ساقط، كما أنّه كان يعاقَب على فعل المقدّمة التي سقطت عنها الحرمة بسوء الاختيار، إذن فالنتيجة ثابتة على كلّ حال(2). وهذا الجواب أيضاً صحيح.

النحو الثالث: أن يقال بأنّ المولى بعد دخول المكلّف إلى الأرض المغصوبة وإن كان يرفع يده عن خطاب (لا تخرج) لكن رفع هذا الخطاب ليس رفعاً عدوليّاً بل هو من قبيل الرفع العصيانيّ، والرفع العصيانيّ ليس معناه انتفاء الغرض، بل معناه أنّ الغرض موجود لكنّه لا يمكن بقاء الخطاب، وحينئذ يكون الأمر الفعليّ بذي المقدّمة نقضاً لهذا الغرض الفعليّ وإن قلتم بأنّ الغرض ارتفع فلا يقع الخروج معصية.

والجواب عن هذا واضح، وذلك بأن يقال: بأنّنا نختار مثلا(3) أنّ الغرض


(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 268 ـ 269 بحسب الطبعة المشتملة في حاشيتها على تعاليق المشكينيّ.

(2) المصدرالسابق، ص 269.

(3) لعلّ كلمة «مثلا» إشارة إلى أنّه بالإمكان ذكر جواب آخر، وهو: أنّنا نختار ارتفاع الغرض بمعنى المبغوضيّة، وارتفاعها إنّما كان بسبب مغلوبيّة المفسدة، ومغلوبيّة المفسدة كانت بسبب حصر المقدّمة بسوء الاختيار، وهذا النحو من ارتفاع الغرض لا يسقط الفعل عن كونه معصية للنهي السابق؛ لأنّ رفع المولى يده عن النهي ليس عدوليّاً بل لانحراج المولى بفعل العبد بسوء اختياره.