المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

494

المبغوضيّة عن هذه الحصّة الخاصّة من الكون الصلاتيّ الغصبيّ إن كان باعتبار أنّ المبغوض لا يُعقل التقرّب به ـ كما هو صريح كلام السيّد الاُستاذ ـ فجوابه: أنّ المبغوض لو كان بديله غير مبغوض لم يمكن التقرّب به. أمّا لو كان البديل الممكن أشدّ مبغوضيّة فيمكن التقرّب به؛ فإنّ التقرّب بشيء معناه ترجيحه على بدله لأجل خاطر المولى، وهذا ما يحصل في هذا الفرض.

وإن كان الالتزام بانتفاء المبغوضيّة لأجل عدم الوقوع في محذور اجتماع المبغوضيّة والوجوب فالجواب: أنّنا نلتزم بعدم ثبوت المحبوبيّة وراء الأمر لا ثبوتاً ولا إثباتاً: أمّا ثبوتاً فلأنّ الأمر كما قد ينشأ من المحبوبيّة كذلك قد ينشأ بداعي تخفيف المبغوضيّة(1)، فلعلّ مقامنا من هذا القبيل.

وأمّا إثباتاً فلأنّ الأمر لو كان ثابتاً بالأدلّة اللفظيّة لجاء فيه الاستظهار العامّ بأن يقال: إنّ الأمر ظاهره عرفاً هو النشوء من المحبوبيّة، إلاّ أنّ الأمر في المقام إنّما ثبت بدليل لبّيّ، وغاية ما يدلّ عليه هو ثبوت الوجوب لا المحبوبيّة.

فإن قلت: ليكن الدليل على ثبوت الوجوب دليلا لفظيّاً، وهو ما ورد من أنّه «لا تدع الصلاة على حال فإنّه عماد دينكم»(2).

قلنا: إنّ هذا الدليل لا ينفع لإثبات الأمر في المقام، وإنّما ينفع في موارد الاضطرار غير الاختياريّ؛ فإنّ غاية ما يدلّ عليه هي: أنّ كلّ مكلّف قد شُرّعت


(1) لا يخفى أنّ ما يخفّف المبغوضيّة ـ بعد عدم إمكان الفرار من أصل المفسدة ـ محبوب، ومن هنا قلنا بسراية وجوب ذي المقدّمة بعد فرض أقوائيّته على المقدّمة المنحصرة في الحرام ولو بسوء الاختيار.

(2) وسائل الشيعة، ج 2، ب 1 من الاستحاضة، ص 373 بحسب طبعة مؤسّسةآل البيت، ح 5.