المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

56

فالدليل بمقتضى إطلاقه يقتضي وجوب الصلاة مطلقاً، وقد خرج منه بالمخصّص اللبّيّ العاجز؛ لقبح تكليفه، ولكن ليس تكليف العاجز بالجامع قبيحاً إلاّ ذلك العاجز الذي سيعقب عجزه العجز عن باقي الأفراد الطوليّة. إذن تخرج هذه الحصّة من الإطلاق، ويبقى الباقي ويصبح الشرط تعقّب القدرة.

الإيراد الثاني: أنّ المحقّق النائينيّ(رحمه الله) لم يكن ينبغي له أن يسلِّم بكلام المحقّق الثاني على تقدير كون ملاك اشتراط القدرة هو حكم العقل بقبح تكليف العاجز؛ وذلك بناءً على مبناه من أنّ امتناع التقييد يوجب امتناع الإطلاق؛ لأنّ التقابل بينهما تقابل العدم والملكة، فإنّه يقال ـ مبنيّاً عليه ـ: إنّ تقييد الوجوب بالفرد المزاحم غير ممكن، فشمول إطلاقه للفرد المزاحم أيضاً غير ممكن(1).

أقول: إنّ هذا الإيراد أيضاً غير وارد على المحقّق النائينيّ(رحمه الله)؛ فإنّ الإطلاق تارةً يقصد به: شمول الحكم لفرد في مقابل اختصاصه به أو بغيره. واُخرى يقصد به: عدم التقييد. وما فرضه المحقّق النائينيّ مقابلاً للتقييد ـ تقابل العدم والملكة ـ إنّما هو الثاني، لا الأوّل؛ فإنّ الأوّل أمرٌ وجوديّ.

والسيّد الاُستاذ قد طبّق في المقام قانون: أنّ استحالة التقييد توجب استحالة الإطلاق على الأوّل؛ حيث ذكر أنّه إذا امتنع التقييد بالفرد المزاحم، امتنع إطلاقه للفرد المزاحم، بينما هذا غير مرتبط بمبنى المحقّق النائينيّ(رحمه الله).

وإذا أردنا أن نتكلّم في المقام وفقاً لمبنى المحقّق النائينيّ(رحمه الله) قلنا: إنّ التقييد بالفرد المزاحم غير ممكن. إذن، فالإطلاق بمعنى عدم هذا القيد ـ المستوجب لشمول الحكم لباقي الأفراد ـ غير ممكن، وهذا وإن كان نتيجة غريبة، إلاّ أنّه


(1) راجع المحاضرات للفيّاض، ج 3، ص 64 بحسب طبعة مطبعة النجف في النجف الأشرف.