المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

58

صيغة الأمر هل هو: البعث والتحريك والنسبة الإرساليّة والطلبيّة ونحو ذلك، أو هو: اعتبار الفعل في ذمّة المكلّف، إنّما هو نزاعٌ في المدلول التصوّريّ لصيغة الأمر، أو قل: المدلول التصديقيّ بالدرجة الاُولى على ما يدّعيه السيّد الاُستاذ من كونه هو المدلول الوضعيّ للّفظ، في حين أنّ نكتة البحث في المقام هي معرفة المدلول التصديقيّ الأقصى لصيغة الأمر، فلو فرض أنّ المدلول الوضعيّ لصيغة الأمر هو اعتبار الفعل في الذمّة، لكن كان يستكشف من الأمر بالدلالة التصديقيّة أنّ المولى قد أمر بداعي البعث والتحريك، كفى ذلك في اشتراط القدرة على الانبعاث ولو فرض أنّ المدلول الوضعيّ لصيغة الأمر هو البعث والتحريك. لكنّنا لم نقبل أنّ الأمر يكشف عن داعي البعث والتحريك تصديقاً، إذن لم يكن الخطاب متطلّباً لثبوت القدرة.

والذي ينبغي أن يقال(1) ـ في مقام التعليق على كلام المحقّق النائينيّ(رحمه الله) ـ هو: أنّه حتّى بناءً على ما يقوله: من كون الخطاب بنفسه متطلّباً للقدرة على المتعلّق ـ لأنّ قوام التكليف بالبعث ـ لابدّ من التسليم لما ذكره المحقّق الثاني(رحمه الله): من تعلّق الأمر بالجامع؛ وذلك لأنّ الجامع بين المقدور وغير المقدور مقدور، فالبعث وإن كان يقتضي إمكانيّة الانبعاث التي هي بالقدرة على المتعلّق، لكنّ القدرة على المتعلّق حاصلة في المقام بلا حاجة إلى تحصيص الجامع وإخراج الفرد غير المقدور منه، فلا مبرّر لكون تعلّق التكليف بالجامع محصّصاً له. إذن، فالوجه الأوّل للجواب على الإيراد ـ وهو ما ذكره المحقّق الثاني(رحمه الله) ـ صحيح، إلاّ أنّه مختصٌّ بالفرع الأوّل.


(1) وقد بيّن السيّد الخوئيّ(رحمه الله) هذا الجواب أيضاً، راجع المحاضرات للفيّاض، الطبعة الماضي ذكرها، ص 62 ـ 63، وص 65.