المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

59

الوجه الثاني: دعوى ثبوت الأمر بالضدّ العباديّ بنحو الترتّب. وهذا الوجه يأتي في الفرع الثاني، وكذلك يأتي في الفرع الأوّل بعد فرض التنزّل عن إمكانيّة الأمر العرضي بالنحو الذي جاء في مقالة المحقّق الثاني(رحمه الله). وهذا الوجه تامٌّ على ما نحن نذهب إليه من إمكان الترتّب. وسنبحث عن إمكان الترتّب وعدمه بعد الانتهاء من الإيرادين الذين اُوردا على ثمرة البحث مع أجوبتهما.

الوجه الثالث:هو أنّه حتّى لو فُرض عدم الأمر عرضيّاً ولا بنحو الترتّب، يكفي في صحّة العبادة وجود الملاك، بناءً على كفاية التقرّب بالملاك، فلا تبطل إلاّ إذا كان الأمر بالشيء مقتضياً للنهي عن ضدّه، فتبطل العبادة عندئذ بالنهي. والضدّ في المقام إنّما لم يؤمر به لا لعدم الملاك، بل لضيق الخناق من باب استحالة الأمر بالضدّين.

وهذا التقريب ـ بهذا المقدار ـ يورد عليه: أنّ الكاشف عن الملاك هو الأمر، والمفروض أنّه انتفى في فرض التزاحم، فلعلّه لا ملاك في المقام؟!

وفي مقام إثبات الملاك عمدة ما يذكر كاشفاً عنه أحد أمرين:

الأمر الأوّل: هو الدلالة الالتزاميّة لصيغة الأمر، فإنّها تدلّ بالمطابقة على الإلزام، وبالالتزام على الملاك، ففي المقام نأخذ بالدلالة الالتزاميّة للأمر.

وأورد على ذلك السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ بأنّ هذا مبنيّ على القول بأنّ الدلالة الالتزاميّة لا تتبع المطابقيّة في الحجّيّة، وإنّما تتبعها في الوجود. ففي المقام وإن سقطت المطابقيّة عن الحجّيّة، لكنّنا نتمسّك بالالتزاميّة، فيثبت بذلك الملاك. والصحيح تبعيّتها لها حتّى في الحجّيّة(1).

ولنا حول هذا المطلب ثلاث كلمات:

الاُولى: أنّ هذا الكلام لا يناسب مبناه، حيث قد صرّح في المقام بأنّ التكليف


(1) راجع المحاضرات، ج 3، ص 75 ـ 79.