المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

62

فإنّ المقصود ـ بناءً على ما ذكرناه من التقريب ـ هو: أنّ القرينة بذاتها قاصرة عن تقييد الملاك، ولا تصلح لأكثر من تقييد الحكم، لا أنّها باعتبارها في مرتبة متأخّرة أصبحت عاجزة عن تقييد الملاك.

والصحيح ـ في ردّ ذلك التقريب ـ هو: إنكار أصله الموضوعيّ، وهوكون الدلالة على الملاك في عرض الدلالة على الحكم؛ فإنّ الصحيح: أنّالأمر يدلّ على الحكم، والحكم يدلّ على الملاك، فالدلالة على الملاكدلالة التزاميّة، فرجعنا إلى الطريق الأوّل لاستكشاف الملاك الذي عرفت الجواب عنه.

وقد تحصّل: أنّ الوجه الثالث للتخلّص عن الإيراد الأوّل، وهو التشبّث بالملاك غير تامٍّ، وأنّ الوجهين الأوّلين الراجعين إلى التشبّث بالأمر تامّان، فالإيراد الأوّل غير وارد.

الإيراد الثاني: أنّ العبادة صحيحة على كلّ حال؛ لأنّ النهي الغيريّ لا يوجب البطلان، وهذا ما ذهب إليه المحقّق النائينيّ(رحمه الله) والسيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ(1)بدعوى: أنّ النهي الغيريّ حيث إنّه ينشأ من ملاك في غيره لا في نفسه، إذن لا ينافي الملاك النفسيّ، فيمكن التقرّب بالملاك.


(1) الموجود ممّا نقل عن السيّد الخوئيّ(رحمه الله) في تقرير الفيّاض يختلف عن هذا، فإنّه يقول بعدم مضرّيّة النهي الغيريّ، وتصحيح العبادة بالأمر بالجامع في الموسّع، ولا يقول بتصحيحها بالملاك فيما يشمل المضيّق.

ويرد عليه: أنّ النهي الغيريّ لئن أمكن اجتماعه مع الملاك، فمن الواضح عدم إمكان اجتماعه مع الأمر بالجامع؛ فإنّ النهي ـ ولو فرض غيريّاً ـ يساوق المبغوضيّة، وينافي المحبوبيّة، ولو بمعنى كونه فرداً من الجامع المحبوب.