المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

78

الأخيرين فقهيّاً، والمتعيّن هو الأوّل، فقد وجب عليه القصر على تقدير عصيان الأمر بالإقامة.

ومنها: نفس الفرع الأوّل مع تبديل الصلاة بالصوم، فمن وجب عليه السفر في شهر رمضان وعصى فهل يجب عليه الصوم، أو لا؟ طبعاً لا سبيل إلى الثاني، والمتعيّن هو الأوّل فقهيّاً، فقد اتّجه إليه أمران ترتّبيّان وهما: (سافر) (وإن لم تسافر فصُم)، عيناً من قبيل قولنا: (أزل) (وإن لم تزل فصلّ).

ولنا حول هذه النقوض ثلاث كلمات:

الكلمة الاُولى: أنّ هذه ليست نقوضاً على القائل بامتناع الترتّب؛ فإنّه في موارد الترتّب المختلف فيه ـ من قبيل الأمر بالإزالة مع الأمر بالصلاة ـ توجد علاقتان بين الأمرين: إحداهما: كون الأمر بالأهمّ متطلّباً لهدْم موضوع الأمر بالمهمّ. والاُخرى: كون الأمر بالأهمّ مقرّباً نحو الأهمّ، وبالتالي مبعّداً عن المهمّ، بينما الأمر بالمهمّ يقرّب ويجرّ العبد نحو المهمّ، فيفرض تناف بين الجرّين.

فالعلاقة الاُولى هي نكتة القول بإمكان الترتّب، والعلاقة الثانية هي نكتة القول بامتناعه. وفي هذه النقوض إنّما توجَد العلاقة الاُولى التي هي نكتة القول بالإمكان من دون أن توجَد العلاقة الثانية التي هي نكتة القول بالامتناع، فلا الأمر بالتمام يبعّد العبد عن السفر؛ لأنّه مشروط بعدم السفر، ولا الأمر بالسفر يبعّده عن التمام؛ لعدم تضادّ بينهما، ومع عدم التضادّ ليس الجرّ نحو أحدهما تبعيداً عن الآخر.

الكلمة الثانية: أنّ الضرورة الفقهيّة إنّما تدلّ على النتيجة، وهي: أنّ من عصى الأمر بالسفر أو الإقامة لم يكن له سبيل إلى النجاة من العقاب الثاني، إلاّ بأن يتمّ ويصوم في الأوّل، أو يقصّر في الثاني، ولا تُعيّن التكييف الفنّيّ لذلك، وليس تكييفه الفنّيّ منحصراً بافتراض كون الأمر بالتمام والصوم، أو بالقصر مشروطاً بعصيان الأمر الآخر.