المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

81

يضادّ متعلّق الآخر، إلاّ أنّ اقتضاء الأمر بالمهمّ هو في طول اقتضاء الأمر بالأهمّ؛ وذلك لأنّ فعليّة الأمر بالمهمّ فرع ترك الأهمّ بحسب ما هو المفروض من أنّه اُخذ في موضوعه ترك الأهمّ، فاقتضاؤه يكون في طول ترك الأهمّ، وترك الأهمّ يكون في رتبة فعل الأهمّ؛ لأنّ النقيضين في رتبة واحدة. إذن، فاقتضاء الأمر بالمهمّ صار في طول فعل الأهمّ، وفعل الأهمّ هو معلول للأمر بالأهمّ. إذن، هو متأخّر عن اقتضاء الأمر بالأهمّ. فاقتضاء الأمر بالمهمّ متأخّر عن اقتضاء الأمر بالأهمّ فلم يجتمع الاقتضاءان في رتبة واحدة حتّى يقع التهافت بينهما؛ فإنّه في رتبة اقتضاء الأمر بالأهمّ ليس الأمر بالمهمّ فعليّاً، وفي رتبة اقتضاء الأمر بالمهمّ لا اقتضاء للأمر بالأهمّ؛ إذ عرفنا أنّ الأمر بالأهمّ هو العلّة لفعل الأهمّ، ولا اقتضاء للعلّة في رتبة المعلول ـ وإلاّ لزم تحصيل الحاصل ـ فضلا عن رتبة متأخّرة عن رتبة المعلول.

وما قيل أو يمكن أن يقال في مقام الردّ على هذا الوجه اُمور:

الأوّل: النقض بما لو قيّد الأمر بالمهمّ بامتثال الأهمّ، فهذا أيضاً يكفي لتحقيق ما فُرض من الطوليّة، مع أنّه من الواضح عدم صحّة ذلك.

ويرد عليه: أنّ الأمر بالمهمّ مقيّداً بالإتيان بالأهمّ بنفسه أمر بالمحال؛ لاستحالة



بالأهمّ؛ لأنّها مرتبة تأثيره وأثره، والعلّة منعزلة في رتبة أثرها عن التأثير، بل تمام اقتضائها لأثرها في مرتبة ذاتها المتقدّمة على تأثيرها وأثرها، إذن ففي رتبة الأمر بالأهمّ وتأثيره في صرف القدرة نحوه، لا وجود للأمر بالمهمّ، وفي رتبة وجود الأمر بالمهمّ لا اقتضاء للأمر بالأهمّ، فلا مطاردة بين الأمرين، بل كلٌّ يؤثّر في رتبة نفسه، بلا إيجاب لتحيّر المكلّف في الامتثال، ولا يقتضي كلّ من الأمرين الإلقاء فيما لا يطاق.