المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

83

إلاّ أنّ هناك نكتة ينبغي الالتفات إليها، وهي: أنّ التضادّ بين الأمرين إنّما هو تضادٌّ عرَضيٌّ منشؤه التضادّ بين المتعلّقين ـ وهما الصلاة والإزالة ـ الذي هو التضادّ الذاتيّ، فلو فُرض إمكان رفع غائلة الضدّين بتعديد الرتبة بينهما، فلابدّ من تعديد الرتبة بين المتعلّقين حتّى يرتفع التضادّ بينهما، فلا يكون الأمر بهما أمراً بضدّين، أمّا إذا فُرض بقاء المتعلّقين على ما هما عليه من التضادّ، فالأمر بهما أمرٌ بضدّين، والمفروض أنّه إنّما وقع التضادّ بين الأمر بالمهمّ والأمر بالأهمّ لأنّ مجموعهما أمرٌ بضدّين، وهذه الغائلة لا ترتفع بفرض الطوليّة(1) بين نفس


(1) من يقول بأنّ الطوليّة ترفع غائلة التضادّ: إمّا أن يقصد بذلك أنّ الطوليّة ترفع نكتة التضادّ، وإمّا أن يقصد بذلك أنّ الطوليّة تعارض التضادّ. وبتعبير آخر: تارة يقصد أنّ الطوليّة ترفع مقتضي التضادّ، واُخرى يقصد أنّ الطوليّة هي تقتضي عدم التضادّ، وتغلب على مقتضي التضادّ.

فإن قصد الأوّل فمن الواضح أنّه لا أثر في المقام لمجرّد الطوليّة بين الأمرين؛ لأنّ نكتة التضادّ هي أنّهما أمرٌ بضدّين، أي: هي التضادّ الذاتيّ بين الفعلين، وهذا لا زال باقياً على حاله، لم يرتفع بتعديد الرتبة، فلو أفادت الطوليّة فإنّما تفيد لو وقعت بين الضدّين اللذين يكون بينهما تضادٌّ ذاتيٌّ أوجب هذا التضادّ العرَضيّ.

وإن قصد الثاني فقد يُدّعى أنّ الطوليّة تقتضي عدم التضادّ حتّى في التضادّ العرَضيّ، ومن دون أن يعالج التضادّ الذاتيّ. وقد يُدّعى أنّها تقتضي عدم التضادّ فيما لو كانت بين الضدّين بالتضادّ الذاتيّ. ولكن أصل دعوى أنّ الطوليّة تقتضي عدم التضادّ أوضح بطلاناً من دعوى أنّها ترفع نكتة التضادّ؛ وذلك لأنّ غاية ما يُدّعى في المقام هي كون وحدة الرتبة ـ كوحدة الزمان والموضوع مثلا ـ دخيلة في نكتة التضادّ، فكما أنّ تعدّد الزمان أو الموضوع رافعٌ لنكتة التضادّ، لا أنّه مقتض لعدم التضادّ، غالبٌ على مقتضي التضادّ، كذلك تعدّد الرتبة.