المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

9

المقدّمة الثالثة: أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه العامّ، وهذا ما يأتي بحثه في البحث الثاني.

 

الكلام في إثبات الاقتضاء عن طريق المقدّميّة:

المسلك الثاني ـ وهو المسلك المهمّ في المقام ـ: مسلك المقدّميّة، بأن يقال: إنّ ترك الضدّ الخاصّ مقدّمة للإتيان بالضدّ العامّ، ومقدّمة الواجب واجبة، فترك الضدّ الخاصّ واجب، وإذا وجب ترك الضدّ الخاصّ حرم الضدّ الخاصّ؛ لأنّه ضدّ عامّ لتركه، والأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه العامّ.

وهذا أيضاً مركّب من ثلاث مقدّمات:

1 ـ إنّ ترك الضدّ مقدّمة لفعل الضدّ الآخر.

2 ـ إنّ مقدّمة الواجب واجبة.

3 ـ إنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه العامّ.

والمقدّمة الثالثة يأتي تحقيقها في البحث الثاني، والمقدّمة الثانية مضى تحقيقها في بحث مقدّمة الواجب. يبقى الكلام في المقدّمة الاُولى، وهي مقدّميّة ترك الضدّ للضدّ الآخر، ولإثبات ذلك عدّة بيانات:

البيان الأوّل: أنّ الضدّين متعاندان في الوجود، ولو وجد أحدهما لما أمكن وجود الآخر معه، كما هو واضح، فلا محالة يتوقّف أحدهما على عدم الآخر.

وهذا المقدار من البيان يرد عليه ما أورده في الكفاية(1) من النقض بالنقيضين، حيث إنّ النقيضين أيضاً متعاندان، ولكن ليس أحدهما موقوفاً على عدم الآخر؛ إذ هو عين عدم الآخر.

ولكن يمكن أن يفترض صاحب هذا البيان أنّ التعاند يوجب توقّف أحد


(1) ج 1، ص 307 بحسب الطبعة المشتملة في حاشيتها على تعليقات المشكينيّ.