المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

101

قد ذكر المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) في تقريبه: تنظير ما نحن فيه بباب الأمر، فكماأنّ قوله مثلا: (صم) يدلّ بمقتضى إطلاقه على أنّ الصوم واجب تعيينيّ وليس العتق مثلا عِدلا له، وإلّا لكان يقول: (صم أو أعتق)، كذلك قوله: (إن جاءك زيد فأكرمه) يدلّ بإطلاقه على أنّ علّة الوجوب متعيّنة في المجيء وليس المرض مثلا عِدلا له، وإلّا لكان يقول: (إن جاءك زيد أو مرض فأكرمه)(1).

ويرد عليه: ما ذكره المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله)(2) من الفرق بين ما نحن فيه وباب الوجوب التعيينيّ والتخييريّ، توضيحه: أنّ كلاًّ من الوجوب التعيينيّ والتخييريّ يمتاز عن الآخر بخصوصيّة، والخصوصيّة الموجودة في الوجوب التخييريّ تعتبر في نظر العرف مؤونة زائدة، بخلاف خصوصيّة الوجوب التعيينيّ.

وفي بيان ما يمتاز به كلّ منهما عن الآخر اختلاف بين العلماء، ولتوضيح المقصود فيما نحن فيه نذكر أوضح تلك البيانات مع قطع النظر عن صحّته وبطلانه، فنقول: إنّ أحد المباني في الفرق بين الوجوب التعيينيّ والتخييريّ هو: أنّ الوجوب التخييريّ وجوب مشوب بجواز الترك إلى بدل، والوجوب التعيينيّ وجوب خال من هذه الخصوصيّة.

وأنت ترى أنّ خصوصيّة الوجوب التعيينيّ على هذا المبنى عبارة عن الخلوّ عن هذا الشوب وهو أمر عدميّ، ولا يرى في نظر العرف مؤونة زائدة محتاجة إلى البيان، ولو بيّن المولى أصل الوجوب كان في نظر العرف مبيّناً لتمام مراده ولا تحتاج هذه الخصوصيّة إلى البيان، وأمّا خصوصيّة الوجوب التخييريّ ـ وهي شوبه بجواز الترك إلى بدل ـ فتعتبر في نظر العرف مؤونة زائدة محتاجة إلى البيان،



(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 306 بحسب طبعة المشكينيّ.

(2) راجع المصدر السابق.