المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

108

فيه مقدّمات الحكمة بلحاظ الأمر، ويثبت بذلك الوجوب النفسيّ من ناحية أنّ الوجوب الغيريّ مشتمل على مؤونة زائدة، وهي إمّا كون الوجوب الغيريّ معلولا لوجوب آخر، في حين أنّ الوجوب النفسيّ غير معلول له، وتعدّ المعلوليّة للغير مؤونة زائدة بنظر العرف فتنفى بالإطلاق، بخلاف عدم المعلوليّة للغير الذي هو أمر عدميّ، أو هي مؤونة الضيق الثابت في الوجوب الغيريّ الحاصل بالغيريّة، بتقريب أنّ وجوب الوضوء مثلا إذا كان للصلاة لا لنفسه كان مضيّقاً بوجود الصلاة، بخلاف ما لو كان وجوبه نفسيّاً، فإنّ دائرة الوجوب عندئذ غير مضيّقة بسبب قيد الصلاة.

ثُمّ إنّ المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) أجاب في الكفاية عن تقريب الإطلاق الشؤونيّ بوجهين: أحدهما: ما يقرب ممّا ذكرناه في مقام الجواب. والآخر: أنّ مفاد أداة الشرط معنى حرفيّ فلا تجري فيه مقدّمات الحكمة(1).

وينبغي أن يكون مراده الإشكال بلحاظ الآليّة في المعاني الحرفيّة لا بلحاظ الجزئيّة فيها، فإنّ إشكال عدم إمكان رجوع الإطلاق والتقييد إلى الهيئات والحروف يمكن أن يقرّب بتقريبين: تارةً بتقريب: أنّ مفادها جزئيّ فلا يقبل الإطلاق والتقييد، واُخرى بتقريب: أنّ مفادها ملحوظ باللحاظ الآليّ، والإطلاق والتقييد حكم على الشيء يستدعي لحاظه باللحاظ الاستقلاليّ، فلو أردنا أن نجعل هذا الإشكال من المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) واقعيّاً لا جدليّاً ـ بلحاظ ذهاب القوم إلى جزئيّة مفاد الحروف والهيئات ـ يجب أن نقول: إنّ نظره إلى جهة الآليّة لا الجزئيّة.

وعلى أيّة حال فعلى كلا التقريبين لا يصحّ هذا الإشكال في الإطلاق:

أمّا أوّلا: فلما بيّنّاه في بحث الواجب المطلق والمشروط من إمكان الإطلاق



(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 304 ـ 305 بحسب طبعة المشكينيّ.