المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

116

والخلاصة: أنّ المفهوم إنّما يثبت لو كان المعلّق طبيعة قابلة للانطباق على فرض وجود الشيء الكذائيّ وعدمه حتّى يدلّ الكلام على انتفاء الطبيعة في فرض عدمه، وأمّا لو لم يكن كذلك فلا يدلّ على المفهوم.

ومن هنا لعلّ المترقّب وضوح عدم دلالة القضيّة الشرطيّة التي سيقت لتحقّق موضوع الجزاء على المفهوم، إلّا أنّه ذكر المحقّق العراقيّ(رحمه الله) في مقالاته(1): أنّ القضيّة الشرطيّة المسوقة لفرض وجود الموضوع يتعارض فيها ظهوران: ظهور بملاحظة الشرطيّة، وظهور بملاحظة الموضوعيّة؛ وذلك لأنّ الشرط في القضايا الشرطيّة يقتضي بظاهره العرفيّ فرض الجزاء مجرّداً عنه ومطلقاً بلحاظ وجوده وعدمه، ومع فرض تجريده عنه يكون قابلا للانطباق على فرض وجوده وعلى فرض عدمه، وهذا الظهور يستلزم ثبوت المفهوم.

وأمّا الموضوع في القضايا الحمليّة نحو (أكرم العالم) فظاهره العرفيّ هو فرض المحمول مهملاً، وليس المحمول في مقام الإثبات مقيّداً ولا مطلقاً: أمّا عدم التقييد فلعدم قرينة عليه، وأمّا عدم الإطلاق فلأنّ كون طرفه موضوعاً لا شرطاً يوجب عدم تماميّة مقدّمات الحكمة وعدم جريان الإطلاق.

وإذا اجتمع في قضيّة جهة الشرطيّة والموضوعيّة معاً ـ كما فيما نحن فيه ـ تعارض الظهوران، ومن هنا وقع الخلاف بين الشيخ الأعظم والمحقّق الخراسانيّ(قدس سرهما) في آية النبأ في عدم المفهوم نظراً إلى ما يقتضيه طبع القضيّة من ناحية الموضوعيّة، وثبوته نظراً إلى ما يقتضيه الشرط. هذا هو مرام المحقّق العراقيّ(رحمه الله) في هذا المقام.



(1) راجع المقالات، ج 1، ص 398 ـ 401، طبعة مجمع الفكر الإسلاميّ.