المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

129

العلّة ويعلم بذلك أنّه ليس فيه نقصان ذاتيّ، فخفاء الأذان في نفسه علّة تامّة لثبوت الحكم.

هذا هو تقريب الكلام بالنسبة للجملة الاُولى، أعني قوله: (إذا خفي الأذان فقصّر). ويتأتّى عين ذلك بالنسبة للجملة الثانية، أعني قوله: (إذا خفي الجدران فقصّر). فثبت أنّ كلاًّ من الخفاءين في نفسه علّة تامّة، وإذا اجتمعا صار كلّ منهما جزء العلّة بطروّ النقصان العرضيّ(1).

 



(1) توضيح المطلب يتوقّف على استحضار تقريب الإطلاق الأحواليّ ولو إجمالاً، وهو: أنّنا بعد أن افترضنا أنّ القضيّة الشرطيّة تدلّ على اللزوم العلّيّ وكون الشرط علّة تامّة، دار الأمر بين كونه علّة منحصرة فينتفي الجزاء بانتفاء الشرط وهذا معنى ثبوت المفهوم، أو غير منحصرة فلا ينتفي الجزاء بانتفاء الشرط وهذا معنى عدم ثبوت المفهوم، أثبتنا الانحصار بالإطلاق الأحواليّ الذي يدلّ على ثبوت العلّيّة التامّة للشرط، حتّى في حال اقترانه بما يفترض كونه عِدلاً له، في حين أنّ افتراض كونه عِدلاً له يبطل علّيّته التامّة لدى اقترانهما؛ للزوم اجتماع علّتين على معلول واحد وهو محال.

والإيراد على ذلك بأنّ القضيّة الشرطيّة إنّما تدلّ على تماميّة العلّة ذاتاً ولا ينافي تحوّلها إلى جزء العلّة لدى الاجتماع بعلّة اُخرى ـ لأنّ هذا نقص عرضيّ لا ينفيه ظهور القضيّة الشرطيّة ـ إنّما هو إيراد على أصل التمسّك بالإطلاق الأحواليّ لإثبات المفهوم، فالآن نفترض غضّ النظر عن هذا الإشكال لكي تفترض تماميّة الاستدلال على المفهوم بالإطلاق الأحواليّ.

نقول عندئذ: إنّ التعارض بين المنطوق والمفهوم راجع في روحه إلى التعارض بين دلالتين للمنطوق: إحداهما دلالته على اللزوم العلّيّ، والاُخرى الإطلاق الأحواليّ، في حين أنّه إذا دار الأمر بين كذب دلالة (إذا خفي الأذان فقصّر) على العلّيّة التامّة وكذب