المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

136

ويقدّم المنطوق على المفهوم بالأخصّيّة، فإنّ مفهوم كلّ واحد منهما ينفي علّيّة أيّ شيء ما عدا شرطه للحكم، ومنطوق الآخر يُثبتُ العلّيّة التامّة للحكم لشيء خاصّ فيقدّم على ذلك المفهوم.

وبكلمة اُخرى نقول: إنّ مفهوم القضيّة الاُولى أنّه: إذا لم يخف الأذان لا يجب التقصير، سواء خفي الجدران أم لا، وهذه التسوية التي هي مفاد الإطلاق لها طرفان، ومنطوق الثانية يكون خصوص طرفه الأوّل فيقدّم عليه بالأخصّيّة، وكذا الكلام بالنسبة للقضيّة الثانية. هذا هو مراد السيّد الاُستاذ دامت بركاته.

أقول: تارةً: يقع الكلام فيما أفاده من المقدّمة، واُخرى: يقع الكلام فيما أفاده في خصوص ما نحن فيه:

أمّا الأوّل: فما أفاده (دامت بركاته) من الكبرى في المقدّمة ـ وهي: أنّه مهما تعارض دليلان كان مقتضى الفنّ إجراء قواعد التعارض فيهما لا في شيء ثالث ـ متين جدّاً، لكنّ الذي يظهر من تمثيله بما إذا ورد: (أكرم كلّ عالم)، وورد: (لا يجب إكرام زيد العالم): أنّ مدّعاه غير ما هو متين، وكان ينبغي أن يمثّل بما إذا ورد: (أكرم كلّ عالم)، وورد: (لا تكرم زيداً)، ولسنا نعرف أنّ زيداً عالم، لكن ورد: (زيد عالم)، فالدليل الثالث يحقّق موضوع العامّ ويوجب المعارضة بين الدليلين الأوّلين وليس هو طرفاً للمعارضة، وإذا رفعنا اليد عمّا يقتضيه ارتفعت المعارضة بين الدليلين الأوّلين، ومقتضى الفنّ هو تخصيص العامّ بالخاصّ لا رفع اليد عمّا يقتضيه الدليل الثالث؛ لأنّه ليس طرفاً للمعارضة.

وأمّا ما أفاده من المثال فلا تنطبق عليه الكبرى، فإنّ هذه الكبرى تختصّ بفرض كون الدليل الثالث منقّحاً لموضوع العامّ، وأمّا إذا لم يكن منقّحاً له فيستحيل كون التصرّف فيه موجباً لارتفاع المعارضة بين الدليلين إلّا إذا كان هو أيضاً طرفاً