المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

224

بالعهد، لكنّ العهد كأنّه هو الأصل في اللام والمرتكز منه في الأذهان، فصار ذلكقرينة عامّة على إرادة استيعاب الأجزاء دون الأفراد حتّى عند عدم وجود عهد، وكون كلمة (العشرة) إشارة إلى عشرة معهودة ومتعيّنة يمتنع اجتماعه مع إرادة استيعاب أفراد العشرة ـ كما هو واضح ـ وقد صار ذلك منشأً لصيرورة مطلق قولنا: (كلّ العشرة) ظاهراً في استيعاب الأجزاء لا الأفراد وإن لم يكن هناك عهد، وهذا بخلاف ما لو لم تكن معرّفة باللام فيكون الكلام عندئذ ظاهراً في استيعاب الأفراد. هذا ما أفاده المحقّق العراقيّ(رحمه الله)(1).

أقول: إن أراد(رحمه الله) أنّ مطلق التعيّن ينافي استيعاب الأفراد فغير صحيح، فإنّ لام الجنس أيضاً يفيد نوعاً من التعيّن ولا ينافي استيعاب الأفراد. وإن أراد أنّ التعيّن العهديّ ينافي استيعاب الأفراد فهذا صحيح، لكن ليس الفرق ثابتاً بين خصوص كلمة (العشرة) المعرّفة باللام والمجرّدة عن اللام، بل الفرق ثابت بين مطلق ما لو كانت معرّفة ولو بغير اللام أو نكرة، فإنّك ترى أنّه لو قيل: (قرأتُ كلّ كتاب زيد)، كان معناه استيعاب أجزاء كتاب واحد، ولو قيل: (قرأتُ كلّ كتاب أدب)، أو (قرأت كلّ كتاب أديب)، ونحو ذلك، كان معناه استيعاب الأفراد، فلابدّ من نكتة للفرق بين فرض كون كلمة (العشرة) ونحوها معرفة أو نكرة، لا بين خصوص كونها معرفة باللام أو نكرة.

وتحقيق الكلام: أن يقال: إنّ الأصل في لفظة (كلّ) هو استيعاب الأجزاء لا الأفراد؛ لأنّ مدخوله ـ أيّ شيء كان ـ فإنّما يحكي عن أجزاء نفسه لا عن أفراده، وهذا هو السرّ في أنّ كلمة (كلّ) إذا دخلت على اسم العدد معرّفاً ـ بل على أيّ معرفة ـ أفادت استيعاب الأجزاء لا الأفراد.



(1) راجع المقالات، ج 1، المقالة: 30، ص 433 بحسب طبعة مجمع الفكر الإسلاميّ.