المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

225

لكنّ الذي يظهر من ملاحظة الظهورات هو أنّ كلمة (كلّ) دائماً تكون معاندة لبدليّة مدخولها، أعني: أنّه مهما كان مدخولها يفيد البدليّة فكلمة (كلّ) تحكم على هذه البدليّة وتقضي عليها، فالسرّ فيما وقع من الفرق بين دخول كلمة (كلّ) على المعرفة أو النكرة عدداً كان المدخول أو غيره ـ فعلى الأوّل يفيد استيعاب الأجزاء وعلى الثاني يفيد استيعاب الأفراد ـ هو أنّ النكرة في نفسها تقتضي البدليّة والمعرفة لا تقتضيها(1).

ثُمّ لا يخفى أنّه لا يرد على ما ذكرناه النقض بقوله تعالى: ?كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيل﴾ بدعوى أنّه في هذه الآية أفاد استيعاب الأفراد مع أنّه دخل على المعرفة؛ وذلك لأنّ مفهوم الطعام يكون بنحو يمكن عدّ أفراده أجزاءً له، أعني: أنّ صدقه على الكثير كصدقه على القليل، نظير مفهوم الماء، وكلّ ما كان من هذا القبيل فإدخال كلمة (كلّ) عليه يدلّ على استيعاب الجميع، كما في قولنا: (كلّ الماء حلال شربه)، أو (كلّ الجبن حلال أكله) ونحو ذلك، ولكن لا يقال مثلا: (كلّ الإنسان حيوان ناطق)، بل يقال: (كلّ إنسان حيوان ناطق).



(1) أقول: لعلّ الأولى هو العكس، بأن يقال: إنّ الأصل في كلمة (كلّ) إرادة استيعاب الأفراد، ولهذا صارت معاندة لبدليّة مدخولها وقاضية عليها، ولكن حينما يكون معرفة فبما أنّ المعرفة تشير عادة إلى فرد معيّن ينصرف الكلام إلى استيعاب أجزاء الفرد؛ إذ لا معنى لاستيعاب أفراد الفرد. وبكلمة اُخرى: إنّ المعرفة بما هي معرفة لا يتصوّر لمفهومها أفراد حتّى تفيد كلمة (كلّ) استيعابها فتنصرف إلى استيعاب الأجزاء. وهذا يشمل حتّى المعرّف بلام الجنس، فإنّه بما هو معرّفٌ لا يفترض له أفراد فينصرف الأمر إلى استيعاب الأجزاء. وهذا البيان أقرب إلى كلام الشيخ العراقيّ(رحمه الله) منه إلى كلام اُستاذنا الشهيد(قدس سره).