المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

236

وإن كان المراد إنكار دلالته على تعيين المدخول إثباتاً بعد تسليم إمكان ذلك ثبوتاً، فغاية ما يمكن الاستدلال به على ذلك هي ما نراه وجداناً من أنّ كلمة (كلّ) لا تأبى عن الدخول على أيّ شيء، مطلقاً كان أو مقيّداً بأيّ درجة من درجات التقييد، فكما يقال: (أكرم كلّ شخص)، كذلك يقال: (أكرم كلّ شخص عالم)، أو (كلّ شخص عالم عادل) بلا مؤونة في هذا الكلام.

ويرد عليه: أنّ مَن يدّعي دلالة (كلّ) على تعيين المدخول يقول: إنّها تدلّ على أنّ ما ذكر في اللفظ بعدها ـ سواءً كان وسيع الدائرة أم ضيّقها ولو بقيد زائد بحسب اللفظ ـ يكون مطلقاً بالنسبة لسائر التقيّدات غير المذكورة في اللفظ. وهذا ـ كما ترى ـ لا ينافي عدم إباء كلمة (كلّ) عن الدخول على أيّ مدخول.

وأمّا بيان ما هو التحقيق عندنا في هذا المقام فنقول: إنّ الحقّ هو دلالة مثل كلمة (كلّ) على العموم بلا حاجة إلى إجراء مقدّمات الحكمة في المدخول، ولا نكتفي بالاستدلال بدعوى الفهم العرفيّ بل نزيد على ذلك ذكر برهانين:

البرهان الأوّل: أنّ مقدّمات الحكمة إنّما تدلّ على أنّ المراد الجدّيّ هو المطلق، أي: على أنّ موضوع الحكم في عالم الثبوت هو الطبيعة المطلقة بالإطلاق الذاتيّ، أعني: الطبيعة الملحوظة بحدودها الذاتيّة بلا قيد.

وأمّا المراد الاستعماليّ ـ وهو المعنى المستفاد بالوضع المستعمل فيه اللفظ ـ فدائماً يكون هو الطبيعة المهملة الموجودة في ضمن المطلق والمقيّد، وهي الطبيعة بحدودها الذاتيّة التي هي أيضاً نسمّيها بالمطلق الذاتيّ، ولا إشكال في أنّ (كلّ) دائماً يدلّ على الاستيعاب، أي: أنّه يستوعب أفراد مفهوم.

وعلى هذا فإمّا أن يدّعى أنّه يستوعب أفراد المعنى الاستعماليّ للمدخول بتمامها، أو يدّعى أنّه يستوعب من أفراد المدخول خصوص ما ينطبق عليه ما في