المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

237

ذهن المتكلّم، أو يدّعى أنّه يستوعب أفراد المراد الجدّيّ، أي: أفراد ما هو موضوع للحكم الجدّيّ ثبوتاً.

فإن ادّعي الثالث لزم عدم دلالة (كلّ) على الاستيعاب عند عدم وجود حكم جدّيّ، كما لو قال سخريّةً: (أكرم كلّ بني اُميّة)، فلابدّ أن لا يكون (كلّ) في مثل هذا الكلام مستعملا فيما وضع له، وهذا واضح البطلان. وإن ادّعي الأوّل أو الثاني ثبت عدم احتياج كلمة (كلّ) إلى إجراء مقدّمات الحكمة في مدخوله؛ لأنّ مقدّمات الحكمة مربوطة بعالم المراد الجدّيّ؛ إذ هي تعيّن المراد الجدّيّ، وأداة العموم تستوعب أفراد المراد الاستعماليّ أو خصوص ما ينطبق عليه ما في ذهن المتكلّم فيستحيل احتياجها إلى مقدّمات الحكمة؛ إذ إنّ أداة العموم تسير في عالم ومقدّمات الحكمة تسير في عالم آخر وكلٌّ في فلك يسبحون.

ولا يخفى أنّ الاحتمال الثاني أيضاً غير صحيح؛ إذ لو كانت كلمة (كلّ) موضوعة لاستيعاب أفراد المدخول بمعنى خصوص ما ينطبق عليه ما في ذهن المتكلّم لزم عدم إمكان إحراز العموم في مورد إلّا نادراً، فإنّ معنى قوله: (أكرم كلّ عالم) بناءً على هذا الاحتمال هو: أكرم كلّ فرد من أفراد العالم ينطبق عليه ما في ذهنيّ، ونحن لا نعلم ما في ذهنه ولا أصل يعيّن ما في ذهنه إلّا في دائرة المعنى الاستعماليّ ـ وهي أصالة الحقيقة ـ وهذا يرتبط بالاحتمال الأوّل، أو في دائرة الإرادة الجدّيّة وهذا يرتبط بالاحتمال الثالث، وفي غير هاتين الدائرتين لا يوجد عند العقلاء أصلٌ يقول بأنّ المتكلّم في مقام بيان كلّ ما في ذهنه حتّى يستنتج من ذلك ـ بعد ضمّه إلى عدم ذكر القيد ـ أنّ ما في ذهنه هو الطبيعة المطلقة مثلا.

وعلى هذا فيتعيّن الاحتمال الأوّل، أعني: أنّ كلمة (كلّ) تستوعب أفراد المدلول الاستعماليّ من اللفظ الذي هو الطبيعة المهملة المحفوظة ضمن المطلق