المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

238

والمقيّد على ما هو الحقّ من إمكان انطباقها على الأفراد.

وقد ظهر بهذا البيان: أنّ كلمة (كلّ) تدلّ على العموم بلا حاجة إلى مقدّمات الحكمة، ولكن ليس هذا برهاناً على الاستحالة الثبوتيّة للاحتياج إلى مقدّمات الحكمة وعدم معقوليّة ذلك؛ لإمكان فرض وضع كلمة (كلّ) لاستيعاب أفراد المراد الجدّيّ من المدخول، لكنّه ممنوع إثباتاً؛ لما ترى بالضرورة من أنّ كلمة (كلّ) تكون دالّة على ما وضعت له من الاستيعاب حتّى في فرض عدم ثبوت حكم جدّيّ كما مضى مثاله.

البرهان الثاني: أنّه لو فرض أنّ أداة العموم تدلّ على استيعاب أفراد ما اُريد صبّ الحكم الجدّيّ عليه فلا يرد البرهان الأوّل، قلنا: إنّنا كنّا في مثل (أكرم العالم) بحاجة إلى مقدّمات الحكمة لنفي وجود القيد للمدخول في المراد الجدّيّ، كي يثبت سريان الحكم بمعنى من المعاني على تمام أفراد المدخول، وأمّا في مثل (أكرم كلّ عالم) فما هو المقصود بقولكم: أداة العموم تدلّ على استيعاب أفراد ما اُريد من المدخول؟

فإن كان المقصود بذلك أخذ قيد ما اُريد من المدخول في المدلول الاستعماليّ لكلمة (كلّ) والموضوع له تلك الكلمة، فمن الواضح أنّ هذا لا يؤدّي إلى العموم المقصود بل يؤدّي إلى الإجمال؛ لأنّ أصالة التطابق بين المدلول الاستعماليّ والمدلول الجدّيّ ـ بمعنى نفي أيّ إضافة أو قيد عليه في عالم الجدّ ـ إنّما تجري بعد تعيين المدلول الاستعماليّ بحدوده، أمّا في المقام فقد أصبح المدلول الاستعماليّ مردّداً بين الأقلّ والأكثر؛ لأنّ قيد (ما اُريد من المدخول) دخل في المدلول الاستعماليّ لـ (كلّ)، فأصبح وزان قوله: (أكرم كلّ عالم) وزان ما لو صرّح بالأمر بإكرام كلّ مَن هو داخل في مراده الجدّيّ من كلمة عالم، ومن الواضح أنّه