المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

252

ومنهم: مَن جعلها كون الخاصّ قرينة للعامّ، والقرينة تقدّم على ذي القرينة وإن كانت أضعف ظهوراً منه. وتظهر الثمرة بينهما فيما لو فرض العامّ أظهر من الخاصّ، كما لو ورد: (لا يجب إكرام أيّ عالم)، وورد: (أكرم الفقهاء)، فإنّ ظهور الأوّل في العموم أقوى من الظهور الإطلاقيّ للثاني في الوجوب، بناءً على أنّ الصيغة تدلّ على الوجوب بالإطلاق، وأنّ الظهور اللفظيّ أقوى من الظهور الإطلاقيّ، فعلى الأوّل لا يقدّم الخاصّ على العامّ؛ لعدم أظهريّته، وعلى الثاني يقدّم وإن لم يكن أظهر بل كان العامّ أظهر، كما هو الحال أيضاً بناءً على أنّ الخاصّ يعدم موضوع العامّ. وتحقيق هذا المطلب يأتي ـ إن شاء الله ـ في مبحث التعادل والتراجيح.

ولنفرض هنا تقدّم الخاصّ على العامّ مفروغاً عنه كي نبحث عن أنّه هل العامّ حجّة في تمام الباقي بعد التخصيص أو لا؟

وهذا البحث يمكن طرحه بنحوين:

الأوّل: أن نفرض أنفسنا شاكّين في حجّيّة العامّ في تمام الباقي بعد التخصيص وعدمها، ونطلب بالبحث دليلا على حجّيّته رافعاً لشكِّنا. ولا يخفى أنّ هذا الشكّ إنّما يمكن أن يطرأ بناءً على غير مذهب مَن يرى أنّ التخصيص يرجع إلى التخصّص.

والثاني: أن لا نشكّ في حجّيّة العامّ في تمام الباقي بعد التخصيص ولكن نطلب بالبحث تصوير وجه فنّيّ يمكن أن يكون هو النكتة لما هو ظاهر عند العرف من حجّيّة العامّ المخصّص في الباقي.

وهذا الطرح هو الذي ينبغي بناء البحث عليه عقلائيّاً؛ لدلالة السيرة العقلائيّة على أصل حجّيّة العامّ في تمام الباقي بعد التخصيص، ولا يشكّ عاقل في أنّه لو قال المولى لعبده: (أكرم كلّ عالم)، وخرج بعض العلماء تخصيصاً من هذا العموم فترك العبد إكرام بعض آخر منهم بحجّة عدم ثبوت حجّيّة العامّ في تمام الباقي بعد