المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

255

ومن هنا يظهر الكلام على الثالث، فإنّه وإن لم تكن أداة العموم محتاجة إلى مقدّمات الحكمة لكنّها إنّما تستوعب أفراد المراد الجدّيّ على الفرض، والمراد الجدّيّ غير شامل لمورد التخصيص، فالتخصيص رجع أيضاً إلى التخصّص.

اللّهمّ إلّا أن يقال بناءً على الثاني والثالث: إنّه من المحتمل كون المخصّص ناظراً إلى أداة العموم لا إلى إثبات أنّ المراد الجدّيّ من المدخول لم يكن هو المطلق أو المهمل.

لكنّ الإنصاف أنّ هذا خلاف الظاهر؛ لأنّ ذلك يستلزم عدم مطابقة الموجود في عالم الإثبات لعالم الثبوت، في حين أنّه لو كان ناظراً إلى إثبات أنّ المراد الجدّيّ ليس هو المطلق أو المهمل فإنّما يلزم من ذلك عدم مطابقة العدم للعدم، أي: أنّ هناك قيداً في عالم الثبوت لم يأت في عالم الإثبات، والكلام في تطابق الوجود للوجود أظهر منه في تطابق العدم للعدم.

وعلى أيّ حال فهذا المسلك باطل من أساسه؛ لأنّ أداة العموم تكون لاستيعاب أفراد المراد الاستعماليّ لا الجدّيّ(1).

المسلك الثاني: البناء على أنّ أداة العموم تدلّ على استيعاب أفراد المراد الاستعماليّ، لكنّها وضعت لاستيعاب خصوص الأفراد غير الخارجة بالتخصيص، فأداة العموم تغنينا عن إحدى مقدّمتي الحكمة وهي كون المتكلّم في مقام البيان؛


مجازيّة العموم كي يقال مثلا: لا ترجيح بالأقربيّة الكمّيّة للمجاز، ومن الواضح أنّ الإطلاق ومقدّمات الحكمة أمر انحلاليّ بعدد القيود المحتملة، فلو سقط عن الحجّيّة بلحاظ قيد مّا ـ لورود مقيّد منفصل ـ لم يسقط عن الحجّيّة بلحاظ قيد آخر.

(1) على ما مضى بيانه.