المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

258

ذلك أنّ مراد المتكلّم كان هو تفهيم نفس المعاني الوضعيّة لما قاله من الألفاظ فنتمسّك بأصالة الحقيقة. نعم، حصل العلم بأنّ بعض ما فهمه السامع من المعنى الوضعيّ لم يكن مراداً جدّيّاً، فمثلا حينما قال: (أكرم كلّ عالم)، وقال بعد ذلك: (لا تكرم الفسّاق من العلماء) علمنا من ذلك أنّ خصوص العالم الفاسق لم يكن مراداً في عالم الجدّ، وأمّا بالنسبة للباقي فلا نعلم بالخلاف فنتمسّك ـ بالنسبة للباقي ـ بأصالة التطابق.

والخلاصة: أنّ الظهور الثاني إنّما يسقط عن الحجّيّة بخصوص المقدار منه الذي ثبت خلافه بالدليل الأقوى وهو الخاصّ، وأمّا الباقي فلا وجه لسقوطه عن الحجّيّة. وقد عرفت أنّه ليس في البين مجازيّة، وأساس الإشكال كان هو المجازيّة. هذا هو الجواب الذي ذهب إليه المحقّق الخراسانيّ والسيّد الاُستاذ وغيرهما(1).

أقول: إن أرادوا بذلك إثبات المقصود على الطرح الأوّل من البحث ورفع الشكّ في الحجّيّة بهذا التقريب ـ كما هو الظاهر من عباراتهم بل المنصوص في عبارات بعضهم، وهو الذي يقتضيه ذكرهم لذلك في قبال مَن قال بعدم الحجّيّة لا فيما بين أنفسهم القائلين بالحجّيّة ـ ورد عليهم:

أوّلا: أنّ ما ذكروه من التبعيض في حجّيّة ظهور الكلام في المراد الجدّيّ أمر لابدّ أن يثبت بسيرة العقلاء، ولا تظهر سيرة العقلاء إلّا من عملهم، ولا يتّفق هذا



(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 336 بحسب طبعة المشكينيّ، وراجع أجود التقريرات، ج 1 بحسب الطبعة المشتملة على تعاليق السيّد الخوئيّ(رحمه الله)، تحت الخطّ، ص 446 ـ 448، وص 452. وراجع المحاضرات للفيّاض، ج 5، ص 168 ـ 172.