المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

259

التبعيض إلّا في باب تخصيص العامّ وما اُلحق به، فإن اُريد إثبات ذلك بسيرة العقلاء المنكشفة من عملهم في هذا الباب فمعناه هو إحراز عمل العقلاء بالعامّ بعد التخصيص في الباقي، ومع فرض إحراز ذلك قد ثبت المطلوب بلا حاجة إلى هذا الإتعاب(1).

وثانياً: أنّ أصالة الحقيقة إنّما ثبتت بسيرة العقلاء فيما لو كان إثبات إرادة الحقيقة بحسب عالم المدلول الاستعماليّ مقدّمة لإثبات كون ذلك مراداً جدّيّاً، وأمّا فيما نحن فيه فالمفروض هو العلم بعدم كونه مراداً جدّيّاً، ومع هذا الفرض لم تثبت أصالة الحقيقة من سيرة العقلاء؛ لأنّ كشفها من سيرتهم يتوقّف على ثبوت ثمرة لذلك حتّى تستكشف من عملهم بتلك الثمرة، ولا ثمرة لذلك إلّا مسألة حجّيّة العامّ المخصّص للباقي التي هي لازم أعمّ؛ لإمكان كون نكتتها غير هذا الوجه، فلعلّ أصالة الحقيقة غير جارية في المقام عندهم، ويبقى احتمال كون التخصيص موجباً لمجاز العموم مُثَبّتاً ومع ذلك يتمسّكون بالعامّ في الباقي لنكتة اُخرى كما سيأتي إن شاء الله.

وإن أرادوا بذلك ذكر نكتة لحجّيّة العامّ في تمام الباقي وتصوير وجه فنّيّ لما



(1) كأنّ المقصود: أنّ هناك فرقاً بين أصالة الجدّ ومقدّمات الحكمة، وهو: أنّ مقدّمات الحكمة لا تختصّ بباب العموم ونحوه بل لها عرضها العريض في موارد الإطلاق، فبالإمكان أن يقال: إنّنا جرّبنا العقلاء في باب الإطلاق فرأيناهم يفكّكون بين القيود المختلفة، فمقدّمات الحكمة تنفي كلّ قيد من القيود على حدة ولو فرض ثبوت قيد آخر بمقيّد منفصل. وأمّا أصالة الجدّ فلا مورد لها إلّا نفس موارد أصالة العموم أو أصالة الحقيقة، أي: أنّ موارد فرض التبعيض في أصالة الجدّ هي نفس موارد تعدّد المجازات واختلافها في القرب والبعد من الحقيقة لا غير، إذن فعطف النظر إلى ذلك لا يصنع لنا شيئاً.