المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

262

 

تنبيهان:

وأخيراً ينبغي التنبيه على أمرين:

الأمر الأوّل: أنّ ما ذكرناه إلى الآن إنّما كان في المخصّص المنفصل، وأمّا المخصّص المتّصل فلا يوجب التبعيض في شيء أصلاً؛ لوضوح أنّ التخصيص بالمتّصل يرجع إلى التخصّص سواء كان بطريق تضييق المدخول بالتوصيف ونحوه كقوله: (أكرم كلّ عالم عادل)، أو كان بغير ذلك كما لو أتى بجملة على حدة كقوله: (أكرم كلّ عالم ولا تكرم الفسّاق منهم)، أو أتى بأداة الاستثناء كقوله: (أكرم كلّ عالم إلّا الفسّاق):

أمّا القسم الأوّل: فرجوع التخصيص فيه إلى التخصّص واضح؛ إذ العموم عبارة عن استيعاب المدخول، والمفروض تضييق دائرة المدخول.

وأمّا القسم الثاني ـ بكلا شكليه ـ : فيمكن أن يدّعى فيه عدم رجوع التخصيص إلى التخصّص؛ لأنّ المدخول لم يضيّق فاستوعب العموم جميع أفراده ثُمّ خرج بعض بالتخصيص.

لكنّ التحقيق أنّ هناك احتمالين:

الأوّل: أنّ أداة العموم وضعت لاستيعاب ما يستفاد من المدلول الاستعماليّ من مجموع الكلام الذي بعده، أو قل: إنّ أداة العموم وضعت لاستيعاب أفراد المدخول غير الخارجة بالتخصيص المتّصل، فكلمة (كلّ) في قولنا مثلاً: (أكرم كلّ عالم إلّا زيداً) لا تستوعب بحسب المدلول الاستعماليّ إلّا غير زيد من العلماء، وذلك بأن يقال: إنّه لا يشترط في صحّة الاستثناء الشمول الفعليّ حتّى يكون الاستثناء في الرتبة المتأخّرة عن دخول (كلّ)، بل تكفي للاستثناء القابليّة للانطباق على