المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

31

وتوضيح ذلك: أنّه لو قال المولى مثلا: (إن كانت الرقبة مؤمنة فأعتقها) فعدم كون الإيمان من قبيل العلّة المنحصرة لا ينفكّ عن أحد أمرين:

الأوّل: أن يكون للإيمان عِدلٌ كالسخاء مثلا، بمعنى أنّه كما يكون الإيمان علّة لجعل الحكم كذلك السخاء أيضاً علّة لجعل آخر للحكم.

الثاني: أن يكون السخاء مثلا عِدلا للإيمان، لا بمعنى كون كلّ منهما بعنوانه علّة لجعل الحكم، بل بمعنى أن تكون العلّة في الحقيقة للجعل الواحد هي الجامع بين الإيمان والسخاء مثلا، ولو جامعاً انتزاعيّاً كعنوان أحدهما لا نفس عنوان الإيمان، فمهما قام الدليل على انتفاء هذين الأمرين ثبت أنّ الإيمان علّة منحصرة.

وعندئذ نقول: إن كان المعلّق شخص الحكم فلا إشكال في كون الإيمان علّة منحصرة؛ لانتفاء ما عرفته من الأمرين: أمّا الأمر الأوّل فلأنّه خلف فرض كون المعلّق شخص الحكم، فإنّ شخص الحكم لا يمكن أن يكون له شرطان متبادلان بعنوانهما الخاصّ، وإنّما الممكن فرض الشرط أو العلّة عبارة عن الجامع بينهما. وأمّا الأمر الثاني ـ وهو كون الشرط أو العلّة عبارة عن الجامع بينهما ـ فلأنّه خلاف ظاهر القضيّة؛ لأنّ المأخوذ في القضيّة إنّما هو عنوان الإيمان لا الجامع، فبما أنّ الأمر الأوّل محال ـ لكونه خلف الفرض ـ والأمر الثاني خلاف الظاهر يثبت بظاهر القضيّة كون الإيمان علّة منحصرة.

وأمّا إن كان المعلّق سنخ الحكم فالأمر الثاني وإن كان خلاف الظاهر لما عرفت، لكنّ الأمر الأوّل ليس محالا؛ لعدم كونه خلف الفرض، فليس القائل بحمل المطلق على المقيّد في ذاك الباب ملزماً فيما نحن فيه بالقول بالمفهوم بناءً على كون المعلّق سنخ الحكم. أي: أنّه لو لم يعترف بكفاية تعليق السنخ لثبوت المفهوم إلّا مع ثبوت العلّيّة الانحصاريّة فليس قوله بحمل المطلق على المقيّد ـ لدى علمه بوحدة الحكم ـ ملزماً له بالقول بالعلّيّة الانحصاريّة لدى تعليق سنخ الحكم.