المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

337

مقام البيان، فقد نقدّم بيان نكتة ونؤخّر اُخرى، وهذا التقريب يتّضح بعد ذكر مقدّمتين:

الاُولى: أنّه إذا لوحظ شيئان بحسب الوجود الخارجيّ فربما يكون بينهما تقارن رتبيّ أو تقدّم وتأخّر كتقارن الحرارة والإحراق الناشئين من النار، وتأخّر الحرارة عن النار وتقدّمها على الغليان الناشئ منها، وكتأخّر القريشيّة رتبة عن الإنسان لكونها وصفاً له وتقدّم الإنسان عليها، وتقارن القرشيّة والعدالة العارضتين على الإنسان. هذا بحسب الوجود الخارجيّ.

وهكذا الحال بحسب عالم الجعل الشرعيّ، فربما يؤخذ شيء مع شيء آخر موضوعاً للحكم مع تقدّم وتأخّر رتبة، وربما يؤخذان في رتبة واحدة. والنسبة الرتبيّة بينهما بلحاظ عالم الجعل ربما تتّفق مع النسبة بينهما بلحاظ الوجود الخارجيّ وربما تختلف، فمثلاً العدالة والقرشيّة متقارنتان بحسب الوجود الخارجيّ لكن ربما تؤخذ العدالة مؤخّرة عن وجود القرشيّة فيقال: (القرشيّ إن كان عادلاً فأكرمه)، والعدالة مؤخّرة رتبة عن وجود الإنسان بحسب الخارج، وربّما تكون كذلك أيضاً بحسب الجعل كما لو قال: (إذا وجد إنسان وكان عادلاً فأكرمه) حيث فرض أوّلاً وجود الإنسان ثمّ اشترط بنسبة تامّة كون هذا الإنسان الموجود عادلاً، وربما لا يكون بينهما تقدّم وتأخّر وليست العدالة مضيّقة برتبة خاصّة وهي التأخّر عن وجود الإنسان، كما لوقال: (إذا وجد إنسان عادل فأكرمه) فالأوّل ـ أعني: فرض وجود الوصف والموصوف مرتّبين ـ يبيّن عادة في لسان أهل العرف بالنسبة التامّة، والثاني ـ أعني: فرض التقارن بمعنى فرض طروّ الوجود على المقيّد بالعدالة مثلاً ـ يبيّن عادة في لسان أهل العرف بالنسبة الناقصة التقييديّة.