المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

340

وقبل أن نكمل تحت عنوان التقريب الثاني بيان تصوّراته في رسالة استصحاب العدم الأزليّ أقول: إنّ هذا المقطع من كلامه صحيح وفق مبانيه، وهو إشكال وارد على ما في رسالته في اللباس المشكوك، وستأتي منّا ـ إن شاء الله ـ مناقشة مبانيه.

التقريب الثاني: ما جاء في رسالته في استصحاب العدم الأزليّ، وهو: أنّ القرشيّة مثلاً بما هي ذات الأثر دائماً تكون متأخّرة برتبتين إمّا عن ذات الإنسان أو عن وجوده؛ وذلك لأنّ المفروض أنّ الشارع جعل الموضوع مقيّداً بالقرشيّة، فالقرشيّة ذات الأثر متأخّرة رتبة عن التقيّد؛ لأنّه لولا التقيّد لم تكن ذات أثر، والتقيّد متأخّر رتبة عن ذات الإنسان لو كان المقيَّد هو ذات الإنسان، وعن وجوده لو كان المقيّد هو وجوده، فالشارع تارة: يجعل ذات الإنسان الموضوع للحكم في عالم التشريع مقيّداً بالقرشيّة ويبيّن ذلك بالنسبة الناقصة بأن يقال: (إذا وجد إنسان قرشيّ فأكرمه)، واُخرى: يجعل وجود الإنسان مقيّداً في عالم التشريع بالقرشيّة ويبيّن ذلك بالنسبة التامّة بأن يقال: (إذا وجد إنسان وكان قرشيّاً فأكرمه). ففي الأوّل تكون القرشيّة ذات الأثر متأخّرة برتبتين عن ذات الإنسان؛ لتأخّرها عن التقيّد الذي هو متأخّر ـ لا محالة ـ عن معروضه وهو ذات الإنسان، فنقيضها وهو عدم القرشيّة أيضاً متأخّر برتبتين عن ذات الإنسان حفظاً لاتّحاد رتبة النقيضين، وفي الثاني تكون القرشيّة متأخّرة برتبتين عن وجود الإنسان؛ لتأخّرها عن التقيّد المتأخّر عن معروضه وهو وجود الإنسان، فنقيضها وهو عدم القرشيّة أيضاً متأخّر برتبتين عن وجود الإنسان.

فإن كان من قبيل الأوّل لم يكن مانع عن استصحاب العدم الأزليّ؛ لأنّ الذات محفوظة في الأزل، فإنّها الجامع بين الوجود والعدم، فعدم القرشيّة الأزليّ ذو أثر؛ لتأخّره عن التقيّد المؤخّر عن ذات الإنسان وذو الأثر كان هو عدم القرشيّة