المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

358

وأنت ترى أنّه لا يتمّ الاستدلال بذلك على المدّعى فيما نحن فيه، فإنّه إنّما يدلّ على وجوب الفحص فيما نحن فيه بعد الفراغ عن عدم حجّيّة العامّ قبل الفحص، فيدلّ على أنّه إن لم يكن العامّ حجّة قبل الفحص لم يجز للإنسان الجلوس في بيته وعدم التعلّم والتفقّه. وأمّا لو فرض حجّيّة العامّ قبل الفحص فهذا بنفسه يُثبِت للإنسان العلم والفقه، فله أن لا يفحص عن المخصّص ويجلس في بيته، لا بأن يترك العمل رأساً بل بأن يعمل بالعامّ، فإنّه يصدق عليه بعد فرض حجّيّة العامّ أنّه تَعَلَّمَ وتفقَّه، فالتمسّك بذلك في إثبات عدم حجّيّة العامّ قبل الفحص عن المخصّص دوريّ.

ومنها: ما ورد بلسان الذمّ على ترك السؤال، كما ورد في مَن غسّل مجدوراً أصابته جنابة فكزّ فمات: قتلوه، ألا سألوا ؟ ألا يمّموه؟!(1).

وهذا أيضاً ـ كما ترى ـ حاله حال سابقه، فإنّه بناءً على حجّيّة العامّ قبل الفحص لو اُوْرِد على المكلّف الآخذ به: أنّه لماذا لم يسأل عن الحكم فسيقول: بأ نّي سألتُ فاُجبتُ بالعامّ وكان العامّ حجّة لي.

ومنها: ما ورد بلسان هلاّ تعلّمت؟ كما ورد: من أنّه يقال للعبد يوم القيمة: هل علمت؟ فإن قال: نعم، قيل: فهلاّ عملت، وإن قال: لا، قيل له: هلاّ تعلّمت حتّى تعمل؟(2).



(1) الوسائل، ب 5 من التيمّم، ح 1.

(2) روى في البحار عن مجالس المفيد بسند صحيح عن مسعدة بن زياد قال: «سمعت جعفر بن محمّد(عليه السلام)وقد سُئل عن قول الله عزّوجلّ (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَة﴾ فقال: إنّ الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: أكنت عالماً؟ فإن قال: نعم، قال له: أفلا عملت بما علمت؟ وإن قال: كنت جاهلاً، قال له: أفلا تعلّمت حتّى تعمل. فيخصمه وذلك الحجّة البالغة». البحار، ج 1، ص 178.