المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

362

بينهما سواء سلكنا في تنجّز العلم الإجماليّ مسلك المشهور أو سلكنا فيه مسلك المحقّق العراقيّ(رحمه الله):

أمّا مسلك المشهور: فهو أنّ منجّزيّة العلم الإجماليّ للموافقة القطعيّة تكون بملاك تعارض الاُصول في الأطراف وتساقطها.

وعلى هذا المبنى يكون الفرق واضحاً بين ما نحن فيه ومبحث البراءة؛ لأنّه قد يقال في مبحث البراءة: لو تحقّق علم إجماليّ وسقطت الاُصول في الأطراف بالمعارضة، ثمّ تحقّق علم تفصيليّ في بعض الأطراف وقلنا بأنّه لا يحلّ العلم الإجماليّ حلاًّ حقيقيّاً عجز هذا العلم عن حلّه حلاًّ حكميّاً؛ لأنّ ملاك التنجّز الذي هو تساقط الاُصول ثابت بعدُ على حاله؛ لأنّ الاُصول في الأطراف الاُخرى لا زالت معارضة للاُصول في الأطراف التي ظفرنا فيها بالتكليف ولو بلحاظ ما قبل الظفر، والأصل الذي مات بالمعارضة لا يحيى بعد الموت كما يأتي برهانه ـ إن شاء الله ـ في محلّه.

وأمّا في باب العمومات فالاُصول اللفظيّة لم تتساقط بالمعارضة حتّى يقال: إنّها لا ترجع بعد السقوط أو أنّ التعارض لا زال محفوظاً، وإنّما العلم الإجماليّ بوجود مخصّصات بعدد خمسين مثلاً فيما بأيدينا من الروايات والتي لو فحصنا عنها لوجدناها أوجب خروج خمسين من تلك العمومات عن دليل الحجّيّة وهو بناء العقلاء؛ لعدم بنائهم على حجّيّة عمومات وصلت مخصّصاتها ولو بالعلم الإجماليّ، وبالنتيجة عجزنا عندئذ عن التمسّك بأصالة العموم في جميع الأطراف، لا بمعنى التعارض فيما بينها بل بمعنى اشتباه الحجّة باللاحجّة، فإن علم بعد ذلك تفصيلاً في خمسين من العمومات معيّنة أنّها مخصَّصة فقد سقط اشتباه الحجّة باللاحجّة وعملنا بالباقي.