المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

363

نعم، لو كنّا نؤمن بأنّ مجرّد العلم الإجماليّ بمخصّصات يخرج تمام أطراف العلم الإجماليّ عن بناء العقلاء على الحجّيّة، حتّى مع فرض وجود علم تفصيليّ مقارن لحدوث العلم الإجماليّ بذاك المقدار من المخصّصات كان معنى ذلك سقوط كلّ العمومات في المقام، لكن هذا ما لا يلتزم به المحقّق العراقيّ نفسه في فرض تقارن العلمين.

وأمّا مسلك المحقّق العراقيّ(رحمه الله): فهو أنّ العلم الإجماليّ بنفسه علّة تامّة لتنجيز الموافقة القطعيّة.

وقد يتخيّل أنّه على هذا المبنى لا يبقى فرق بين ما نحن فيه وباب البراءة.

لكن التحقيق ثبوت الفرق بينهما أيضاً لنفس النكتة التي أشرنا إليها، ففي باب البراءة يفترض أنّ العلم الإجماليّ بالتكاليف نجّز الأطراف مباشرة بسبب طريقيّته المحض إلى نفس التكاليف، فسقطت الاُصول، والعلم التفصيليّ المتأخّر في بعض الأطراف لا يُحيي الأصل الذي سقط بالتنجيز سابقاً. نعم، لو كان العلم التفصيليّ مقارناً سقط العلم الإجماليّ حكماً؛ لأنّه لا يمكنه تنجيز المعلوم على كلّ تقدير؛ إذ على بعض التقادير يكون معلوماً بالعلم التفصيليّ.

وأمّا العلم الإجماليّ بالمخصّصات فيحقّق الموضوع لسقوط العمومات المخصَّصة، بسبب عدم بناء العقلاء على حجّيّة عموم يكون مخصّصه واصلاً ولو بالعلم الإجماليّ، وبسببه نرجع مرّة اُخرى إلى اشتباه الحجّة باللاحجّة من العمومات، وحينما انتهينا بالفحص إلى خمسين من العمومات مثلاً مخصّصة كشفنا عن أنّها لم تكن حجّة من أوّل الأمر وارتفع اشتباه الحجّة باللاحجّة.

نعم، لو كنّا نؤمن بأنّ مجرّد العلم الإجماليّ بمخصّصات يخرج تمام أطراف العلم الإجماليّ عن بناء العقلاء على الحجّيّة، حتّى مع فرض وجود علم تفصيليّ مقارن بذاك المقدار من المخصّصات كان معنى ذلك سقوط العمومات تماماً في المقام، لكن هذا ما لا يلتزم به المحقّق العراقيّ نفسه في فرض تقارن العلمين.