المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

365

الشرعيّة، فإنّ العقل يحكم بأنّ موضوع قبح العقاب بلابيان يرتفع بصرف بيان الحكم وجعله في معرض الوصول إلى العبد، وتقصير العبد في الفحص لا يوجب قبح العقاب. وأمّا إذا إذن المولى بنفسه في ارتكاب ما لا يعلم فالعقل لا يحكم بعد ذلك بوجوب الفحص وتحصيل العلم، بل يقول: من الجائز قبل الفحص ارتكاب غير معلوم الحرمة لإجازة المولى بنفسه ذلك، ولماذا يفحص العبد حتّى يحصل له العلم ويخرج عن موضوع جواز ارتكاب ما لا يعلم حرمته؟ فهذا الوجه غير تامّ في باب البراءة وإنّما هو تامّ فيما نحن فيه بالتقريب الذي ذكره السيّد الاُستاذ دامت بركاته.

بل لا يبعد أن يقال: إنّ كون دأب المولى وديدنه تأخير المخصّصات والمقيّدات في غالب الموارد، وذكر عامّ أو مطلق في كثير من الأوقات بدون إرادة العموم أو الإطلاق منه لا يوجب عدم حجّيّة العامّ والمطلق قبل الفحص عند العقلاء، بل يوجب سقوطهما عن الحجّيّة رأساً، فمقتضى القاعدة عدم حجّيّة عمومات الكتاب والسنّة وإطلاقاتهما رأساً، والقدر المتيقّن من الخارج عن مقتضى القاعدة بسيرة المتشرّعة في زمان الأئمّة(عليهم السلام) ـ الممضاة من جانبهم ـ هو العامّ والمطلق بعد الفحص عن المخصّصات والمقيّدات.

نعم، نفس مَن كان يسأل الإمام(عليه السلام) عن شيء ويسمع الجواب ببيان حكمه لم يكن عليه الفحص عن مخصّص هذا الحكم، بل كان يعلم أنّ تكليفه الفعليّ هو العمل بهذا الحكم إمّا لأنّه لا مخصّص له، أو لأنّ عنوان التخصيص غير منطبق بشأن هذا الشخص مثلاً. وأمّا الشخص الآخر الذي كان يروى له هذا الحديث أو يراه في كتاب هذا الراوي فحال هذا الخبر بالنسبة له حال سائر الأخبار، ولابدّ له من الفحص عمّا تحت اليد حتّى يطمئنّ بعدم وجود مخصِّص فيما بيده من الأخبار.

هذا تمام الكلام في وجوب الفحص عن المخصّص.