المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

367

ولنقدّم قبل الشروع في بيان ما هو الحقّ أمرين:

 

حقيقة الخطاب:

الأوّل: في حقيقة الخطاب.

اشتهر في الألسن أنّه عبارة عن قصد تفهيم المخاطب بالكلام، ومن هنا يقال بعدم معقوليّة خطاب المعدوم والغائب؛ لعدم قابليّتهما لقصد التفهيم.

وللمحقّق الإصفهانيّ(قدس سره) في تحقيق حقيقة الخطاب كلام في تعليقته على الكفاية(1)، وهو: أنّ التفهيم ليس شرطاً في الخطاب ولا يتقوّم الخطاب به، ولذا يصحّ الخطاب من الله تعالى للعباد مع عدم فهمهم إيّاه، كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيم﴾(2)، ولا يشترط أيضاً في ذلك السماع بالجارحة، ولذا يصحّ الخطاب من العباد لله تعالى مع أنّه لا يسمع بجارحة، ولا مطلق السماع، ولذا قد يُخاطَب الأصمّ بخطاب ويترجم له شخص آخر خطاب المتكلّم بإشارات يفهمها، ولا يشترط أيضاً الاجتماع في مجلس واحد، ولذا تخاطب الشيعة أئمّتها الذين قد ارتحلوا إلى عالم آخر، فهم يخاطبونهم من عالَم إلى عالَم، وإنّما الذي



(1) نهاية الدراية، ج 2، ص 471 ـ 473 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت(عليهم السلام).

(2) المثال المذكور في عبارة الشيخ الإصفهانيّ(رحمه الله) للخطاب بلا تفهيم وتفهّم هو مخاطبة الجماد الحاضر.

ولكن جاء في أثناء كلامه لدى بيان الاجتماع الإحاطيّ قوله: «سواء كان المتكلّم محيطاً كالبارئ تعالى شأنه عند خطابه لعباده وإن لم يلتفت المخاطب إلى الخطاب...»، فكأنّ التمثيل بآية (يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيم﴾ جرى على لسان اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) بمناسبة هذا المقطع وإن لم يكن موجوداً في عبارة الشيخ.