المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

368

يكون دخيلاً في تحقّق الخطاب هو الاجتماع بأحد وجوه ثلاثة: الاجتماعالمكانيّ، كما لو خاطب الإنسان مَن هو حاضر في المجلس، والاجتماع السماعيّ كما في مخاطبة الشيعة مع أئمّتها، فإنّه وإن لم يكن بينهما اجتماع مكانيّ حقيقة، أي: أنّهما ليسا في مجلس واحد لكن سماع المخاطب ولو من بعيد يكون بمنزلة حضوره فهو بحكم الاجتماع المكانيّ، والاجتماع الإحاطيّ، ولذا يصحّ مخاطبة الله تعالى الذي هو محيط بالعباد لعباده وبالعكس.

هذا ما أفاده المحقّق الإصفهانيّ(قدس سره).

وهو ـ كما ترى ـ لا يفيد وجهاً محصّلاً لتصوير حقيقة الخطاب، فإنّه إن أراد: أنّ حقيقة الخطاب هو اجتماع المتكلّم مع غيره فهو بديهيّ البطلان، فإنّه قد يجتمع الإنسان مع شخصين ويخاطب أحدهما دون الآخر، فلو كان الخطاب عبارة عن ذلك لكان كلاهما مخاطبين، مع أنّه ليس كذلك بل يمتاز أحدهما عن الآخر بالخطاب، وما به الامتياز غير ما به الاشتراك، وإن أراد: أنّ الاجتماع شرط في تحقّق الخطاب لم يظهر بذلك حقيقة الخطاب مع أنّه(قدس سره) كان في مقام بيان حقيقة الخطاب.

 

التحقيق في حقيقة الخطاب:

والتحقيق في هذا المقام: أن يقال: إنّه لا إشكال في أنّه تتحقّق بالخطاب نسبة بين المخاطَب والمخاطِب، وأنّ الخطاب في الحقيقة ربط الكلام بالمخاطب بربط خاصّ وتوجيه إليه بنحو مخصوص فنقول: إنّ هذا الربط والتوجيه إمّا يكون لواقع الكلام، أعني: الصوت الخاصّ الذي أوجده المتكلّم، أو ربط لمضمون الكلام بالمخاطب، أو يكون هذا الربط من الاُمور النفسانيّة الثابتة في نفس المتكلّم:

أمّا الاحتمال الأوّل: فباطل قطعاً، فإنّه من الواضح أنّ الكلام صوت في الفضاء قائم بالمتكلّم ومرتبط به، ولا يعقل ارتباط خاصّ له بشخص آخر.