المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

371

السياقيّ، فلا معنى لأن يتنازعوا في وضع أداة الخطاب للخطاب الحقيقيّ وعدمه، وإنّما هي موضوعة للمدلول التصوّريّ وهو النسبة الخاصّة بين المخاطَب والمخاطِب، فإن كان استعمالها بداعي الجدّ تحقّق الخطاب الحقيقيّ وهو قصد الإعداد المخصوص، بخلاف ما لو كان بسائر الدواعي كالتحسّر والتحزّن ونحو ذلك، فما جعله محلاًّ للنزاع ليس محلاًّ له.

وبكلمة اُخرى: إن فُرض النزاع فيما وضعت له الأداة لغةً فليس أحد من الطرفين يحتمل وضعها للخطاب الحقيقيّ؛ لأنّ الخطاب الحقيقيّ مدلول تصديقيّ وليس تصوّريّاً. وإن فُرض النزاع في الجدّ وعدمه؛ إذ على الأوّل يفهم الخطاب الحقيقيّ بخلاف الثاني، فهذا أيضاً لا معنى له؛ لأنّهم متّفقون على أصالة الجدّ في كلّ كلام شكّ في جدّيّته، والخطاب أيضاً ككلّ كلام آخر يحمل على الجدّ بلا إشكال، ولا خصوصيّة للخطاب يمتاز بها عمّا عداه من بقيّة الكلام كالإخبار والتمنّي والترجّي وغيرها، فكما أنّ الأصل فيها هو الجدّ كذلك الحال فيما نحن فيه.

ولكن هذا لا يعني أنّنا نعود إذن إلى جعل النزاع عقليّاً صِرفاً في أنّه هل يعقل خطاب المعدوم مثلاً أو لا؛ لوضوح أنّه لو أردنا من الخطاب قصد مطلق الإعداد للفهم المبرز بالكلام كان خطاب المعدوم معقولاً، ولو أردنا قصد الإعداد القريب من الفعل لم يكن ذلك معقولاً.

فالذي ينبغي أن يكون محلاًّ للنزاع هو ما مضت الإشارة إليه في كلامنا من أنّ أدوات الخطاب مُفهمة لقصد الإعداد المطلق أو لقصد خصوص الإعداد القريب من الفعل.

وأمّا الثاني ـ وهو استظهاره العرفيّ لكون أداة الخطاب موضوعة للخطاب الإنشائيّ، يعني استظهار توجيه الكلام نحو مدخول الأداة وهو المخاطب بداع