المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

38

التحقيق بطلان ذلك المبنى فلابدّ أن يقال: إنّ العلّيّة الانحصاريّة لا تفيدنا في إثبات المفهوم أصلا.

إن قلت: بل تفيد المفهوم في فرض واحد، وهو ما لو كان المعلّق صِرف الوجود من الحكم وهو أوّل وجوده وكان الشرط انحلاليّاً، كما إذا قال: (مهما جاءك زيد فأكرمه)، وكان المستفاد منه أنّ في كلّ مرّة جاءنا زيد وجب إكرامه، لا أنّه يجب إكرامه في خصوص المرّة الاُولى. وعندئذ لا إشكال في أنّه قبل مجيئه لا يجب إكرامه؛ لأنّ المفروض أنّ مجيئه علّة منحصرة لأوّل الوجود من وجوب الإكرام، فإذا جاءنا زيد وأكرمناه فالخطاب بـ (إن جاءك زيد فأكرمه) باق بعدُ؛ لفرض انحلاله، فأيضاً يدلّ على عدم وجوب إكرامه قبل مجيئه، وهكذا.

قلت: هذا ليس من المفهوم المصطلح؛ فإنّ النفي المعلّق لوجوب الإكرام إنّما استفيد من خطابات متعدّدة بقوله: (إن جاءك زيد فأكرمه) بحسب الانحلال، فيكون ذلك من قبيل ما لو ضممنا قضيّة إلى قضيّة واستفدنا من مجموعهما النفي المطلق للحكم عند انتفاء الشرط وهذا غير المفهوم.

وبكلمة اُخرى: قد قلنا: إنّ انحصار العلّة في الشرط مع فرض كون المعلّق صرف الوجود إنّما يوجب عدم ثبوت الحكم من ناحية علّة اُخرى قبل انتهاء أمد العلّة الاُولى لا مطلقاً حتّى يكون مفهوماً، ونقول: إنّ في فرض انحلال الشرط أيضاً لم يدلّ انحصار الشرط إلّا على عدم ثبوت الحكم من ناحية علّة اُخرى غير الشرط قبل انتهاء أمده، غاية الأمر أنّ هناك شروطاً عديدة يدلّ الانحصار بالنسبة إلى كلّ واحد منها على عدم ثبوت الحكم من ناحية علّة اُخرى غير ذلك الشرط قبل انتهاء أمده، وهذا غير المفهوم المصطلح. هذا.

وقد ظهر من جميع ما ذكرناه: أنّه يرد على ما سلّمه المشهور والمحقّق