المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

386

وقد تكرّر في كلمات السيّد المرتضى(قدس سره) الاستدلال بأصالة الحقيقة عند معلوميّة المراد على كونه معنى حقيقيّاً للّفظ، وأوردوا عليه بأنّ أصالة الحقيقة إنّما تجري عند الشكّ في المراد لا الشكّ في الاستناد.

وتحقيق الحال في ذلك: أنّه تارة: نفترض أنّ لفظ (أسد) مثلاً نعلم بكونه موضوعاً للحيوان المفترس، ونشكّ في أنّه هل هو موضوع أيضاً لما استعمله فيه المتكلّم من الرجل الشجاع أو لا، وفي هذا الفرض لا معنى للتمسّك بأصالة الحقيقة، فإنّ أصالة الحقيقة في نفسها ليست أصلاً برأسه عند العقلاء في قبال الظهور وإنّما مرجعها إلى حجّيّة الظهور. ولفظ (أسد) الصادر من المتكلّم لم يثبت له أصلاً ظهور يكون حجّة، فإنّ ظهوره في الحيوان المفترس المعلوم عندنا مقطوع الكذب على الفرض، وظهوره في الرجل الشجاع مشكوك رأساً؛ لفرض عدم العلم بوضعه له.

واُخرى: يفترض أ نّا نعلم إجمالاً بوضع لفظ (أسد) لمعنى، ونحتمل كونه نفس ما استعمله المتكلّم فيه وهو الرجل الشجاع، ففي هذا الفرض يمكن إثبات ما ذهب إليه السيّد المرتضى(رحمه الله) من دعوى كون هذا الاستعمال دليلاً على الحقيقة؛ وذلك لأ نّا نعلم إجمالاً بظهور هذا اللفظ في شيء وهذا الظهور لم يثبت لنا كذبه، فهو غير ساقط عن الحجّيّة كما كان ساقطاً عنها في الفرض الأوّل، فنضمّ هذا الظهور إلى علمنا الخارجيّ بكون ما استعمله المتكلّم فيه هو الرجل الشجاع، فيثبت بالملازمة كون هذا اللفظ حقيقة في الرجل الشجاع؛ لأنّه لا يعقل الجمع بين عدم كذب الظهور الثابت ببناء العقلاء وعدم مخالفة هذا القطع الخارجيّ للواقع الثابت للشخص القاطع (إذ لا يحتمل القاطع خطأه في القطع) إلّا بفرض كون اللفظ حقيقة في الرجل الشجاع.