المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

388

المدلول المطابقيّ للبيّنة، فهذا الإشكال أيضاً غير وارد على ما مضى من التقريب.

والتحقيق في ردّ ذلك التقريب: أن يقال: إنّ الكلام إنّما يكون حجّة فيما يكون مدلولاً له بمقتضى ظهوره ولو بالملازمة، أي: أنّ الظهور حجّة في إثبات مدلوله وجميع ملازمات مدلوله، وأمّا ما يلازم عنوان كون الظهور مراداً من دون أن يدخل في ملازمات مدلول الظهور فلا يثبت.

وبكلمة اُخرى: إنّ كون لفظ (أسد) حقيقة في الرجل الشجاع وإن كان من لوازم عدم كذب ظهور اللفظ بعد العلم بأنّ المتكلّم استعمله في الرجل الشجاع، لكن الظهور المردّد بين ذاك الظهور الذي نعلم يقيناً بكذبه والظهور الآخر لا يقول لنا: أنا ذاك الظهور الآخر الذي ليس كاذباً.

وبغضّ النظر عن هذا نقول: إنّ لنا بياناً آخر لنفي دلالة الاستعمال على الحقيقة، وهو: أنّ كلّ دليل دلّ على أحد الشيئين وعلمنا من الخارج انتفاء أحدهما بالخصوص، فإن كان ذلك الدليل دالّاً على نفس الجامع بين الأمرين ثبت ذلك الشيء الآخر، وإن كان دالّاً على أحدهما بالخصوص لكنّا لم نعلمه بعينه لم يثبت ذلك الشيء الآخر. فمثلاً لو لم يكن لدينا علم بوجوب صلاة في ظهر الجمعة ولكنّه ورد عن الإمام أنّه تجب في ظهر الجمعة الصلاة وعلمنا من الخارج بعدم وجوب صلاة الجمعة، ثبت بذلك وجوب صلاة الظهر؛ لأنّه يوجد لنا علم بقضيّة شرطيّة وهي: أنّه لو وجبت صلاة في يوم الجمعة فهي صلاة الظهر، وقد دلّ الحديث بالمطابقة على الشرط فقد دلّ بالالتزام على الجزاء.

وأمّا لو روى الراوي لنا عن الإمام أنّه بيّن وجوب صلاة في يوم الجمعة ونسينا أنّه هل بيّن وجوب صلاة الظهر أو بيّن وجوب صلاة الجمعة، ونحن نعلم أنّه على التقدير الثاني كانت الرواية تقيّة، فهنا علمنا بعدم وجوب صلاة الجمعة لا يثبت لنا