المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

405

مع العامّ وهو عدم وجوب إكرام العالم العادل، فاللازم هنا تقديم العامّ وهو (أكرم العدول)؛ لأنّه لو عكس لم يبق مورد للعامّ؛ لأنّ العادل إمّا عالم أو جاهل، فإن بني على عدم وجوب إكرام العالم من العدول بحكم المنطوق وعدم وجوب إكرام الجاهل منهم بحكم المفهوم فمَن هو العادل الذي يجب إكرامه بحكم العامّ؟

نعم، لو فرض أنّ مادّة الاجتماع للمفهوم مع العامّ ليس تمامها لازماً لمادّة الاجتماع للمنطوق مع العامّ، بل كان مقدار منها لازماً لمادّة الافتراق، ويكون تقديم العامّ على ذلك المقدار كافياً لرفع الاستهجان سقط ذلك المقدار من المفهوم المرتبط بمادّة الافتراق، وسقط من المنطوق أيضاً ما يكون ملزوماً لما سقط من المفهوم؛ إذ لا يمكن بقاء الملزوم مع سقوط اللازم.

مثاله: ما لو قيل: (لا تكرم الفسّاق المرتبطين بالعلم)، وهذا هو العامّ، وكان معنى الارتباط بالعلم كون الإنسان عالماً أو خادماً لعالم، وقيل: (أكرم خدّام العلماء)، وهذا هو المنطوق، ولم يكن وجوب إكرام تمام العلماء الفسّاق لازماً لمادّة الاجتماع من المنطوق مع العامّ، بل دلّ وجوب إكرام كلّ خادم على وجوب إكرام مخدومه، فالعامّ في هذا الفرض يقدّم على المفهوم بالنسبة للعالم الفاسق الذي يكون خادمه عادلاً وعلى منطوقه(1).

ولو اجتمعت في مورد مّا نكتة تقدّم العامّ كاملاً على المنطوق ـ وهي كون المفهوم لازماً لأصل المنطوق ـ ونكتة تقدّم المنطوق على العامّ كانت المعارضة



(1) فلا نكرم هذا الخادم وعالمه كما لا نكرم العالم الفاسق، فيبقى للعالم مقدار معتدّ به لا يلزم معه اضمحلال العامّ ولا استهجان التخصيص، ولكنّنا نبقى نكرم العالم العادل ونكرم خادمه حتّى ولو كان فاسقاً؛ لأنّنا فرضنا نكتة في تطبيق المنطوق.