المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

433

عدم قابليّتها للتخصيص بمعنى كون المراد من المخالفة فيها غير المخالفة بالأخصّيّة.

هذا غاية تقريب الوجه الأوّل المشهور بين المحقّقين، والإنصاف أنّه في غاية المتانة.

ولكن يمكن أن يقرّب بوجه أحسن، وإن شئت جعلته وجهاً فنّيّاً لما ذكروه من إباء هذه الأخبار عن التخصيص، وذلك الوجه هو أن يقال: إنّ تلك الأخبار لحنها لحن استفضاع واستنكار وبيان شناعة صدور كلام منهم على خلاف كتاب الله، وأنّهم(عليهم السلام) أنزه من أن يعارضوا كلام الله ويتكلّموا على خلاف كلامه تعالى مع أنّهم عبيده، وإنّما جاؤوا لترويج كلام الله وتبيينه وإيصاله إلى العباد، لا لمخالفة كلام الله تعالى، وهذا بنفسه قرينة على عدم شمول تلك الأخبار للمخالفة بالأخصّيّة؛ إذ بعد أن استقرّت طريقة القرآن على عدم بيان كلّ حكم من الأحكام بجميع قيوده وخصوصيّاته دفعة واحدة، بل البناء على أن تُبيَّنَ الأحكام وخصوصيّاتها وقيودها بالتدريج، لا يعدّ المخصّص الصادر عنهم(عليهم السلام) للعموم القرآنيّ من المخالفة الفضيعة لكلام الله التي ليس من شأنهم صدورها عنهم ويكونون أنزه من ذلك، بل يعدّ من البيان والتفسير لمراد الله تعالى الذي هو شأنهم(عليهم السلام)، هذا.

وما ذكرناه من الوجه له مزيّتان على الوجه الذي ذكروه:

إحداهما: أنّه لا يحتاج إلى ما ذكروه من العلم الإجماليّ، بل يكفي فيه العلم بأنّه ليس من طريقة القرآن في بيان كلّ حكم من الأحكام بيانه بجميع قيوده دفعة واحدة، ويكفي في حصول هذا العلم ملاحظة نفس القرآن الكريم؛ إذ فيه من الأحكام ما لها من الشروط والقيود منفصلة الذكر، وكذا ملاحظة السنّة القطعيّة.

ثانيتهما: أنّه يظهر ممّا ذكرناه نكتة ما ذكروه من إباء تلك الأخبار عن التخصيص، فإنّ ما يكون لحنه بيان شناعة صدور ما يخالف القرآن منهم وأنّه ليس من شأنهم ذلك ـ لكونه أمراً قبيحاً مستنكراً ـ لا يقبل التخصيص الاعتباطيّ. نعم،